تاريخ المكتبات في الإسلام يرتبط ارتباطاً وثيقا بالتاريخ العربي الإسلامي، فالمعروف إن العرب قبل الإسلام عاشوا في الجزيرة العربية الإسلامية أحقاباً طويلة وهم في شبه عزلة عن العالم رغم اتصالاتهم المحدودة مع الروم والفرس والأحباش عن طريق التجارة ، وبشكل عام كانت حياتهم بدوية متنقلة أما علومهم فكانت تتناسب ومتطلبات حياتهم . ولم يهتم العرب قبل الإسلام بالتدوين ، فقد اعتمدوا على الذاكرة في حفظ ونقل إنتاجهم الفكري ، وبالتالي لم يكن عند العرب قبل الإسلام سجلات مكتوبة ، بحيث لا يمكن الحديث عن شيء اسمه " مكتبة " ويمكن إن يعزى ذلك إلى الأمية وعدم توافر مواد للكتابة .بالرغم من ذلك فان قسماً منهم عرف الكتابة وكتب على عظام الحيوانات وسعف النخيل والحجارة إلا أنه لم يصلنا شيء من ذلك . (1)
لقد كان القرآن الكريم ولا يزال فتحا جديد في تاريخ المعرفة الإنسانية ، فهو قد رفع العلم والعلماء إلى أسمى منزلة ، وأقسم الله في محكم آياته بالكتاب وبالقلم وما يسطرون ، كما حض القرآن على القراءة والتعليم في أول سورة نزلت على الرسول الأمين محمد بن عبد الله(ص). ومن هنا فليس بغريب أن توصف الحضارة العربية الإسلامية بأنها كتب ومكتبات . وإذا كان المصحف الشريف هو أول كتاب ظهر في لغة العرب ، فقد بدأت حركة التأليف منذ منتصف القرن الأول الهجري ، وشهد القرن الثاني ظهور الكتب وحركة تدوين التراث والتاريخ ، متأثرة في ذلك بطريقة كتابة الحديث ، أي القرنان الهجريان الثالث والرابع رأينا ازدهار حركة التأليف خصوصاً بعد إقامة صناعة الورق في بغداد ، ونظرا لحب المسلمين الأوائل للكتب والقراءة والعلم ، وكنتيجة لاتصالهم بالثقافات الأجنبية التي وجدوها في البلاد التي فتحوها ، انتشرت عندهم أنواع عدة من المكتبات. (2)
ولقد اهتم الخلفاء بتأسيس المكتبات العامة وجمعوا فيها الكتب العربية والفارسية والمترجمة عن اليونانية والفارسية ، كما أنشوا المكتبات في المدارس والمساجد ، ولم يكن هذا غريبًا لأن الإسلام حض على العلم ، واستخدم العقل في أمور الحياة فقال تعالى : " هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ". وقد زاد من هذه النهضة العلمية والثقافية استخدام الورق في الكتابة وأعطوا الحبر ألوانا مختلفة وزخرفوا وجوه الكتب وذهبوها . ونشطت حركة التدوين والتأليف نشاطا لم يعهده التاريخ إلا في العصر الحاضر . ونظرا لاهتمام المسلمين بالقرآن الكريم وتدوينه وضعوا النقط والشكل للحروف منعاً للحن في القرآن ووضعوا قواعد اللغة ، فقد قام أبو الأسود الدؤلي بوضع النقاط على الحروف، نقطة فوق الحرف للفتحة ، ونقطة تحته للكسرة ، ونقطة على خط استواء الكتابة للضمة ، ونقطتان أمام يدي الحرف على خط استواء الكتابة للتنوين واهمل السكون ، ثم جاء نصر بن عاصم الليثي ونقط الحروف فجعل للباء نقط والثاء نقطتين والجيم نقطة في بطنها ثم وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي الشكل فوضع الضمة والفتحة والكسرة والتنوين وحل أشكال النطق . (3)
وبازدهار حركة التأليف والترجمة وخاصة في بغداد عاصمة العباسين ظهر الاهتمام بالكتاب وازدهرت هذه المكتبات تبعاً لتزايد أعداد الكتب وشغف الناس الشديد بالقراءة . وكان من الطبيعي أن تؤدي هذه النهضة العلمية إلى جمع الكتب والمؤلفات وتكوين المكتبات الخاصة ببعض الأفراد وقد كانت في مجموعها صغيرة، ولكن مكتبات الخلفاء وكبار رجال الدولة ما لبثت أن تحولت إلى مكتبات عامة لخدمة طوائف معينة من القراءة . ولقد أوصى بها أصحابها أن تحفظ في المساجد والمدارس حفظا دقيقاً . وكذلك فإن أساتذة معاهد العلم أهدوا مؤلفاتهم ومكتباتهم الخاصة إلى معاهدهم التي كانوا يدرسون فيها . (4)
إن تاريخ المكتبات جزء لا يتجزأ من تاريخ الحضارة العربية الإسلامية والفكر الإسلامي : ارتقت بارتقائه وساعدت على ازدهاره ونضجت معه وانحطت بانحطاطه . ولاغرو ر في ذلك فالإسلام العظيم دعا إلى المعرفة والى التعلم والى إنارة العقول بالقراءة والكتابة ، وان أول ما أوحى به الله سبحانه وتعالى إلى عبده ورسوله " اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم .
إن تاريخ الكتب عند المسلمين مهم جدا وأساسي لمعرفة تطور المعرفة الإنسانية عندهم ، ذلك أنه لم تتفوق على المسلمين أمة من الأمم في حبهم للكتب والعناية بالمكتبات والمعرفة عامة . والمكتبات من أهم وسائل نشر المعرفة على مدى العصور وقد انتشرت المكتبات في الإسلام انتشارا واسعاً ، وهي وان كانت ثمرة من ثمار الحضارة العربية الإسلامية إلا أنها تعكس في تاريخها هذه الحضارة التي كانت هي نفسها ثمرتها وأن الأطوار التي مرت بها هي أطوار الحضارة الإسلامية بشكل عام . هذا ويعد العصر العباسي عصر الإبداع في الحضارة الإسلامية وفيه نضجت الحضارة الإسلامية وأينعت وآتت أكلها وزخرت البلاد الإسلامية بالعلماء والتلاميذ والعاهد والمدارس . وكان للمكتبات من ذلك نصيب موفور إذ تبارى الخلفاء والأمراء والأفراد والوزراء والحكام والسراة في العناية بالمكتبات وفي تشجيعها ، ونجد في هذا العصر جميع أنواع المكتبات . (5)
أسباب ظهور المكتبات الإسلامية
ان الاسباب الرئيسية لظهور المكتبات الإسلامية وازدهارها وتطورها خاصة في العصر العباسي هي:
1. ازدهار حركة التأليف والترجمة .
2. تشجيع الخلفاء والحكام المسلمين للعلم والعلماء .
3. انتشار صناعة الورق في بغداد والبلا د الأخرى .
4. ظهور حركة الوراقين وهم أصحاب الحوانيت أو الدكاكين التي كانت تنسخ وتبيع وتؤجر الكتب.
ويمكن القول إن معظم أنواع المكتبات التي نعرفها اليوم قد عرفتها الحضارة العربية الإسلامية وخاصة في العصر العباسي ، عصر الإبداع والنضج في الحضارة العربية الإسلامية . (6)
هذا وقد كانت المكتبات الإسلامية منظمة تنظيماً علمياً وتخدم جمهور المطالعين بكفاءة ويسر ، فتاريخ المكتبات يكون جانباً مهما في تاريخ علوم المكتبات .
أنواع المكتبات في الحضارة العربية الإسلامية
عرفت الحضارة العربية الإسلامية أنواع عدة من المكتبات وهي :
1. المكتبات الأكاديمية
2. المكتبات الخاصة
3. المكتبات الخلافية
4. المكتبات العامة
5. المكتبات المدرسية
6. مكتبات المساجد أو الجوامع (7)
نبذة بإيجاز عن أنواع المكتبات في الحضارة العربية الإسلامية
1 – المكتبات الأكاديمية : وهذه المكتبات من أشهر المكتبات في الحضارة العربية الإسلامية وقد وجه الإسلام جل عنايته إلى طلب العلم وجعل القرآن الكريم الأشخاص غير المتعلمين في عداد الأموات . ومن أشهر المكتبات الأكاديمية ، مكتبة بيت الحكمة ، ومكتبة مراغة التي أسسها المغول في أذربيجان .
2 – المكتبات الخاصة : انتشر هذا النوع من المكتبات في جميع أنحاء العالم الإسلامي بشكل واسع وجيد بحيث يمكن القول بان هذا النوع من المكتبات قد فاق في بعض الأحيان على غيره من الأنواع الأخرى. ومن أمثلتها مكتبة سعد بن عبادة الأنصاري التي حوت فيها كتبا طائفة من أحاديث الرسول (ص) . ومكتبة الصاحب بن عبادة التي بلغت عشرات المجلدات ، ومكتبة المستنصر الأموي.
3 _ المكتبات الخلافية : هي نوع من المكتبات انتشر على امتداد العالم الإسلامي من المشرق إلى المغرب وهذه المكتبات كان ينشئها الخلفاء والأمراء والحكام من أجل أنفسهم ، وقد جعلوها حلقات للمناظرة والسمر والمحاضرات والعلوم المختلفة ، كما كانت من أجل نشر مذهب يعتنقه الحكام والأمراء . ومن أمثلتها : المكتبة التي أسسها السامانيون في بلاد خراسان ، خزانة الكتب في العصر الفاطمي ، مكتبة الحكم الثاني ا بن الناصر لدين الله عبد الرحمن الثالث .
4 _ المكتبات العامة : هي مؤسسات ثقافية يحفظ فيها تراث الإنسانية الثقافي وخبراتها ليكون في متناول المواطنين من كافة الطبقات والأجناس والأعمار والمهن والثقافات . ومن أمثلتها : مكتبة بني عمار في طرابلس الشام وكان لهم وكلاء يجوبون العالم الإسلامي بحثا عن الروائع لضمها إلى المكتبة ، وكان بها خمسة وثمانون ناسخا يشتغلون بها ليلا نهارا في نسخ الكتب. (8)
5 _ المكتبات المدرسية : أولت الحضارة العربية الإسلامية اهتمامها بإنشاء المدارس من أجل تعليم الناس جميعاً وبها الحقت المكتبات وهو الشيء الطبيعي المكمل لهذا الرقي والازدهار . وتقول النصوص التاريخية أن أول من أسس مدرسة في الإسلام هو نظام الملك وزير السلاجقة في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري ، ومن المكتبات أيضاً مكتبة ابن جبيرة ،ومكتبة مدرسة الفاخرية في بغداد . (9)
6 _ مكتبات المساجد والجوامع : إن المكتبات في الإسلام قد نشأت مع نشأة المساجد ، حيث يعتبر المسجد من مظاهر الحضارة وعناصرها في الإسلامية لأهميته الكبيرة في الحياة الدينية والسياسية والفكرية ، ومن أمثلتها : مكتبة جامع الأزهر ، كذلك مكتبة الجامع الكبير في القيروان (10)
وإذا كانت مكتبات المساجد تقوم بوظيفة المكتبات المدرسية والجامعية خلال القرون الأولى من تاريخ الإسلام ، فقد زودت المدرسة المستنصرية النظامية في بغداد ، في منتصف القرن الخامس الهجري بمكتبة ضخمة كان فهرسها كما يقال يضم ستة الآف مجلد ، واشتهرت بعض هذه المدارس على مدارس أخرى كالمستنصرية التي اصبحت جامعة تحمل اسم المستنصر العباسي فيما بعد . (11)
قال القلقشندى :" إن أعظم خزائن الكتب في الإسلام ثلاث :
· خزانة الخلفاء العباسين ببغداد (بيت الحكمة)
· خزانة الخلفاء الفاطميين بمصر
· وخزانة بني أمية في الأندلس
خزانة الخلفاء العباسين ببغداد (بيت الحكمة)
اولا :المؤسسون لبيت الحكمة
يعد بيت الحكمة أعظم المكتبات العربية شأناً واقدمها زمناناً ، وأول من فكر بإنشاء هذا البيت أبو جعفر المنصور ، فقد خصص مبنى مستقلة جمع فيها نفائس الكتب ونوادرها من المؤلفات العربية والمترجمة عن اللغات المختلفة .(12)
ولما لما جاء الخليفة هارون الرشيد وكان من أعظم خلفاء بني العباس وأكثرهم ذكرا في التاريخ فقد أصبحت بغداد في عهده كعبة العلم والأدب ، فاتجه إلى إخراج الكتب والمخطوطات التي كانت تحفظ في جدران قصر الخلافة بعد أن تضخم رصيدها من التراث المدون ، والمخطوطات المؤلفة المترجمة ، لتكون مكتبة عامة مفتوحة الأبواب للدارسين وطلاب العلم ، فأسس دار رحبة ضخمة نقل اليها كل الذخائر وسماها " بيت الحكمة " تقديرا لجلال رسالتها ، وكانت هذه المؤسسة مؤسسة ثقافية كبرى تقوم بعمل جليل . فكانت مهمتها أول الامر الملازمة كما يقول ابن النديم ، ثم تطورت زمن المامؤن حتى أصبحت مؤسسة علمية مهمتها ترقية البحث والدرس والتجرد للدراسات العليا . ( 13 )
ثانيا: التنظيم الإداري لبيت الحكمة
فمن حيث التنظيم الإداري للمكتبة نريد التأكيد على أنها لم تكن على الأقل في ذلك الوقت مجرد مكتبة بل كانت أكاديمية تحتذي مكتبة الإسكندرية التي لاشك أنها تأثرت بها . وبالتالي فأن هذه الأكاديمية لابد وأنها كانت مقسمة إلى عدة أقسام أو إدارات هي :
أ- قسم المكتبة
ب- قسم البحث والتأليف
ت- قسم النسخ والتجليد
وربما كان قسم المكتبة هو المنوط به اقتناء الكتب من كل حدب وصوب وتنظيمها على الرفوف ومناولتها لمن يطلبها . (14)
أبرز المشتغلين في عصر الرشيد بدار الحكمة :
1- يوحنا بن ماسويه : والذي تدرج فيها حتى تبؤا منصب أمانة الترجمة
2 – الفضل بن نوبخت : أكبر المترجمين عن الفارسية
3- علان الوراق : رئيس النساخين . (15)
ثالثاً : الأهداف المراد تحقيقها من تأسيس بيت الحكمة
1 – الإزدهار الحضاري العظيم : وذلك من خلال التشجيع العلمي والتزام الدولة الإسلامية بأداء واجبها في هذا الميدان وإقبال الأمة على العلم ،وتفتح القلوب للإسلام عقيدة ، وعبادة ، وشريعة وأخلاقا . (16)
2 – الحفاظ على التراث العالمي وإنقاذه من الفناء : وخير مثال على ذلك مؤلفات جالينوس ، حينما ترجمت مائة رسالة من رسائله إلى السريانية ، وتسعا وثلاثين رسالة أخرى ، بواسطة حنين بن اسحاق . (17)
3 – الحرص الشديد على المحافظة على الكتب والمصنفات التي تترجم أو تصنف : فقد ارتبط بظهور الحركة العلمية ونشاطها في بغداد المحافظة على الكتب والمصنفات، وكان العلماء في الدولة الإسلامية يودعون نسخاً من مؤلفاتهم في بيت الحكمة . (18)
رابعاً : العوامل التي ساعدت على إنشاء بيت الحكمة :
1 _ النهضة العلمية : فكان بيت الحكمة في بغداد عنوان هذه النهضة ورمزا معبرا عنها وآية من آيات عزها .
2– دور المكتبات العامرة في المشرق : ومن أشهرها مكتبة المدرسة النظامية
3 – اختيار الخليفة أحد البراكمة وزيراً له : وقد عرف هؤلاء كيف يرغبون الخلفاء وحاشيتهم في تذوق الدراسات والكتب . (19)
خامساً : رواتب العاملين في بيت الحكمة
كان يلحق ببيت الحكمة علماء لهم رواتب محددة وتنوعت اختصاصاتهم ، ومن بين هؤلاء فلكيون ، ذلك لأن المأمون الحق ببيت الحكمة مرصدا لإصلاح آلات الرصد .
فقد كانت رواتب الموظفين الذين ينسخون وينقلون لدى وزير من وزراء الدولة يبلغ ألفي دينار في الشهر ، ولذلك أعتقد أن رواتب موظفي ومستخدمي بيت الحكمة لا تقل عن عشرين ألف دينار في الشهر وربما أكثر من ذلك باستثناء النفقات الأخرى كثمن الحبر والورق وأجور التجليد وثمن الكتب الجاهزة وأثاث المكتبة ،ويورد لنا المقريزي قائمة بالنفقات السنوية لمكتبة دار الحكمة مفصلة تفصيلاً واضحاً وفيما يلي نصها :
· ورق النسخ: 90 دينارا
· مرتب الخازن: 48 دينارا
· مرتب الفراش: 15 دينارا
· لتجليد الكتب ( ربما تشمل أجرة المجلد) 12 دينارا
· ورق وحبر وأقلام للمطالعين: 12 دينارا
سادساً : المواد الدراسية التي كانت تدرس في بيت الحكمة
1- العلوم الدينية : وقد كان لهذا الأمر الأثر الكبير في تطوير وتعميق المواضيع الدينية كعلوم القرآن الكريم والحديث والفقه .
2- المواضيع الأدبية : كاللغة والنحو والصرف والعروض والأدب .
3 –علوم الرياضية : وهي تشمل الحساب والجبر والهندسة والمساحة والعلوم العقلية التي تضم المنطق وعلم الكلام . (20)
وكان يوحنا بن ماسويه الذي جعله المأمون رئيساً لبيت الحكمة يعقد مجلساً للنظر ، ويجري فيه مناقشة كل نوع من العلوم كالفلسفة ، والرياضيات ، والفلك ،والطب. كما كان يدرس فيها ويجتمع إليه تلاميذ كثيرون وقد تتلمذ على يديه حنين بن اسحاق فترة من الزمن . وهكذا كانت بغداد في علو كعبها في العلم حيث أصبحت القبلة التي توجه إليها رواد العلم من كل حدب وصوب في الدولة الإسلامية والتي تحدثت بدورها الركبان وأسمعت شهرتها الأصم وطرقت أسماع القاصي والداني الأ وهي" بيت الحكمة " (21)
سابعاً : نموذج من منهج التدريس في بيت الحكمة
· مرحلة الإعداد للالتحاق بالدراسة في بيت الحكمة.
· المرحلة العالية أو مرحلة الدراسة داخل بيت الحكمة:
1- من سن 14إلى 16سنة يدرس الكتاب في منزل الفقيه (المعلم) أو في الحوانيت ، ويتم فيها حفظ القرآن الكريم ، إجادة الكتابة والقراءة ، ودراسة قواعد اللغة .
2- من سن 14إلى 18سنة وتتم داخل مدارس المسجد أو الحلقة ويدرس فيها بعض العلوم الدينية من فقه وتفسير وكلام ورواية حديث ثم معرفة الشعر وسير الأعلام والأخبار مع التفقه في اللغة والأدب والبيان والنقد .
بعد اتمام المرحلتين السابقتين يتم فيها التدريس عن طرق نظامين:
1- نظام المحاضرات
2- نظام الحوار والمناظرة والمناقشة . يدرس فيها العلوم الفلسفية والطبية والرياضيات والفلك والعلوم الطبيعة والجغرافيا والموسيقى .
المدرس يحاضر في بعض العلوم في قاعات كبيرة ، والمعيد يساعد المدرس فيجتمع بفئة من الطلاب ويشرح لهم ما استغلق من المحاضرة ويناقشهم في مادتها والأستاذ أو الشيخ هو المرجع الأخير في موضوعه .
ثامناً : لباس الخريجين و العلماء
كان لباس الخريجين والعلماء عبارة عن عمامة سوداء وطيلسانا لعله الروب الجامعي اليوم . وكان هذا الزي ضروري للمدرسين والفقهاء تميزاً لهم عن غيرهم .
تاسعا: الشهادة التي تمنح لهم
إذا كان خريج بيت الحكمة قد أنهى دراسة علم من هذه العلوم السالفة الذكر يمنحه أستاذه إجازة تشهد بأن قد أتقن ذلك العلم ، فإذا كان من المتفوقين فيه نصت الشهادة على أنه قد أجيز له تدريسه . فحق منح الشهادة كان والحالة هذه للأستاذ لا للمعهد .
عاشراً : أمين ترجمة بيت الحكمة وعمله
علاّن الشعوبي كان امين الترجمة وعمله يتلخص فيما يلي :
1- دراسة المؤلفات المكتسبة من الفتوحات ، ليختار من بينها تلك التي يجب أن تسلّم للترجمة .
2- توزيع المؤلفات على المترجمين لنقلها .
3- مراقبة عمل المترجمين ، وإيجاد الانسجام الضروري فيه .
4- تقديمه إلى بيت الحكمة لأخذ الموافقة النهائية ، وهناك يكتبه الناسخون ويتم إيداعه .
وبخلاصة : فالترجمة التي كان مركزها بيت الحكمة ، نظمت حسب مخطط منسق ، يشرف عليه أمين الترجمة ، وقد وزع العمل بين كبار المترجمين ، يساعدهم الكتّاب الذين يحتمل أنهم كانوا يهيئون لهم مسودّة الترجمة الأولى ، كما يُعين مدقق ليصحح الأخطاء اللغوية . (22)
الحادي عشر : اسم مرادف لبيت الحكمة
هناك مرادف لبيت الحكمة وهو " خزانة الحكمة " وهو يظهر للمرة الأولى في النص التالي: " أبو الفضل بن نوبخت ، فارسي الأصل ... كان في خزانة الحكمة لهارون الرشيد ، ولهذا الرجل نقل من الفارسي إلى العربي ، ومعوّله في عمله على كتب الفرس " . (23)
الثاني عشر : الأشخاص الذين لقبوا بأصحاب بيت الحكمة
الأول: سَلم أو على الأصح سلمان الملقب بصاحب بيت الحكمة . أصله من حرّان وكان يعمل في هذه المؤسسة مع سهل بن هارون .
الثاني : أحمد بن محمد وهو كذلك ممن لقبوا بصاحب بيت الحكمة .
وآخر من كان صاحب بيت الحكمة نعرفه هو الحسن بن مرار المسمى بالصنوبري والشاهد الذي يتعلق بموضوعه يرويه ابن عساكر " ونقله بنصه ابن شاكر الكتبي ، وهو هذا : " قال الحلبي الصفري : سألت الصنوبري ( والكلام هنا لحفيد شخصنا ) عن السبب الذي من أجله نسب جده إلى الصنوبري ، حتى صار معروفاً به ، فقال لي : كان جدي صاحب بيت الحكمة من بيوت حكم المأمون ، فجرت له بين يديه مناظرة ، فأستحسن كلامه وحده مزاجه ، وقال له إنك لصنوبري الشكل ، يريد بذلك الذكاء وحدّة المزاج .
الثالث عشر : بيت الحكمة نموذج رائع للمدارس الإسلامية في النواحي العلمية والتعليمية
يعد بيت الحكمة من أعظم المعاهد الثقافية حيث التعليم العالي فيه فكان بيت الحكمة أول دار للدراسة العالية في الإسلام فهو علاوة على كونه دار ترجمة كان معهدا للعلم ، دار كتب عامة ، بدأ بيت الحكمة أول ما بدأ بوظيفة مكتبة عامة فأصبح لهذه المكتبة العامة شأن في العالم الإسلامي ، ثم تطور وأصبح أول جامعة إسلامية أجتمع فيها العلماء والباحثون ولجأ إليها الطلاب وكانت تجرى فيه الأبحاث والدراسات العليا فأصبح مؤسسة علمية للثقافة العالية أكثر كتبه في الفلسفة والمنطق والطب والنجوم والرياضيات وغيرها من الكتب العلمية المختلفة ، ثم أرتقى دار الحكمة من مجرد دار للترجمة والإنتاج الفكري وكثر المترجمون في هذه الدار في عصر المأمون ، وكانوا يقومون بواجبهم العلمي ويتبادلون وجوه الرأي ، كذلك كانت هناك أعمال أخرى يقوم بها بيت الحكمة منها : تجليد الكتب التي تتم عملية تعريبها أو عملية نسخها بأكثر من نسخة لتوزيعها على المكتبات المعروفة آنذاك خارج بغداد أو بيت الحكمة التونسي في رقادة ، أو دار الحكمة في القاهرة. (24)
الرابع عشر : العلوم الإسلامية في بيت الحكمة
أولاً : علم الكلام
علم الكلام وهو من العلوم التي ازدهرت في بغداد في العصر العباسي ويتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية ، والرد على المبتدعين والمنحرفين في الاعتقادات عن مذاهب السلف وأهل السنة ، وأساس هذه العقائد الإيمانية تكمن في التوحيد ، ويقدم في برهان عقلي .
ثانياً : علم المنطق
المنطق مشتق من النطق ، وهذه اللفظة تقال عند القدماء على ثلاثة معان : أحدها القول الخارج للصوت ، والثاني القول المركوز في النفس ، والثالث القوة النفسانية في الانسان التي بها يميز التمييز الخاص بالإنسان دون الحيوان وهي التي بها يحصل للإنسان بالمعتقدات ، وأن المنطق يعطى قوانين في المنطق بأنواعه الثلاثة المذكورة .
ثالثاً : علم الفلسفة
كان للفلسفة شأن عظيم في العصر العباسي ، فأشتعل بها أكثر الذين عنوا بعلوم القدماء ولاسيما الأطباء منهم وكان الفلاسفة في هذا العصر متهمين بالألحاد والتعطيل فكان الانتساب إلى الفلسفة مرادفا إلى الانتساب إلى الكفر ، وشاعت النقمة على الخليفة المأمون لأنه كان السبب في نقل الفلسفة إلى اللغة العربية حتى قال فيه ابن تيمية : " ما أظن الله بغافل عن المأمون ، ولابد أن يعاقبه على ما أدخله على هذه الأمة.
المراجع والمصادر:
(1) أساسيات علم المكتبات والتوثيق والمعلومات تأليف / د: عمر أحمد همشري ، ود: ربحي مصطفى عليان ، الطبعة الأولى 1988م ، مكان النشر : الأردن ( عمان ) مطابع جريدة الأسواق ، الفهرسة تمت بمعرفة : مديرية المكتبات والوثائق الوطنية . ص13 ، ص.ك 304 صفحة ، رقم الإيداع : 40/ 1996
(2) المدخل إلى علم المكتبات والمعلومات/ تألف : دكتور أحمد بدر ، مكان النشر : الرياض ، سنة النشر 1985 ، الناشر دار المريخ للنشر ، رقم الإيداع ( بدون ) ص.ك 448 صفحة ، ص 33
|
هى مدونة هدفها الأساسى العرض من أجل التذكير فى كل ما يتعلق بمجال المكتبات وعالم البرمجيات مفتوحة المصدر وذلك ﻷجل إدخار المعرفة التى جمعها الطلبة والباحثين فى خلال السنوات الدراسية الجامعية كانت أو الدراسات العليا وتسهيل إسترجاعها مرة أخرى حيث من ينتمى لهذا المجال مع إختلاف الدرجات الوظيفية والاكاديمية تلك المعرفة والمحصلة هى رأس ماله للإستمرار فى المجال وتقديم كل مالديه لخدمة المجال وتقديم الإضافة للطلبة والباحثين
الثلاثاء، 1 سبتمبر 2015
تاريخ المكتبات عند المسلمين خزانة الخلفاء العباسين ببغداد (بيت الحكمة) نموذجا
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق