مفهوم
المكتبة.. و
تطورها التاريخي
لقد
اختلطت نشأة الكتب مع نشأة اللغة من ناحية
والفن من ناحية أخرى في المجتمعات التي
لم تعرف أي نوع من أنواع الكتابة، كانت
المشافهة هي الوسيلة الوحيدة لتبادل
الأفكار ، والكل يعرف أن مؤلفي أشهر
المؤلفات في التاريخ وهما الألياذة
والأوديسة أنشدها المغنون قبل أن تدون
بوقت طويل»1«ولقد
ارتبط تاريخ المكتبات بالشرق القديم بسبب
الحضارات القديمة التي نشأت فيه فقد وردت
كلمة دور الكتب في نصوص مصرية قديمة كتلك
التي عثر عليها بين أطلال الكرنك بالأقصر
، والتي عثر عليها في إدفو ، أيضاً عثر
على مقبرتين لأمينين من أمناء المكتبات
اسم كل منهما »مي
أمون « وهما
لأب وولده »
mi.amunوفي
بابل عثر في مكتباتها على آلواح تضم أعمالا
في اللغة والشعر والتاريخ وغيرها من
الفنون ،وكان يقوم على حفظ موادها أمين
خاص يسمى (رجل
المحفوظات) ولعل
أول من حمل هذا الاسم هوإميل انو amil
anu.وقد
بدأ إنسان ما قبل التاريخ بتسجيل أفكاره
على هيئة نقوش محفورة على جدران المعابد
والكهوف.وقد
أبرزت الحفريات الحديثة فى بلاد ما بين
النهرين للعيان ألواحًا من الطين عليها
كتابة ترجع إلى أربعة آلاف سنة قبل الميلاد
..وتعتبر
أقدم هذه الألواح من الوثائق التاريخية
متجمعة فى أماكن خاصة من المعابد والقصور
والتى تعتبر بداية نشأة المكتبات .
.. ولقد
كانت المكتبات هى سمة تلك الحضارة
العربية؛فلقد شهد القرن التاسع الميلادي
حركة مكتبية مزدهرة ؛فقد كانت معظم المساجد
تضم مكتبات ؛وكانت لكل مدرسة مكتبة .وقد
وجدت المكتبات عندما ظهرت أهمية السجلات
المكتوبة فى تنظيم العلاقات الإنسانية
؛وكان الغرض من إنشاء المكتبات القديمة
هو حفظ الوثائق والأرشيف لتيسير عمليات
التجارة أو إدارة الدولة أو بث المعتقدات
وتوصيلها إلى الأجيال المتعاقبة .أى
أن المكتبة كانت دائما ولا تزال ثمرة
للتنظيم الاجتماعي والبحث والدراسة.وقد
بدأت المكتبة منذ القرن التاسع عشر تقوم
بمسؤولياتها نحو عامة الناس بواسطة النخبة
أو الصفوة.ولعل
ارتباط المكتبة بالصفوة قد أكسبها مكانة
مرموقة ؛أصبحت المكتبة جزءًا من الهيبة
التي أضافها بعض الحكام على أنفسهم
مثل:(بطليموس
وشارلمان ) اللذان
قاما بتأسيس المكتبات لاهتمامهما بالأدب
والمعرفة؛وقد جذبا إلى هذه المكتبات
علماء وباحثين لتجميع المواد وحفظها
وتنظيمها .ومع
اختراع الطباعة نشطت حركة انتشار المكتبات
.وبما
أن المكتبة كانت تعتبر أرشيفا حيث تحفظ
كافة السجلات اللازمة ،فقد كانت في خدمة
السلطة الحاكمة،وبعضها تقوم مقام المتحف
الذي يحفظ الكتب الثمينة فضلا عن كونها
إحدى مظاهر الأبهة الاجتماعية لبعض
النبلاءأو الأثرياء،كما ظلت المكتبات
علاوة على ذلك تعتبر المعمل الوحيد ،ومصدر
الدراسة للعلماءتخدم البحث،ثم تحطم هذا
النظام القديم بظهور الثوارت السياسية
والصناعية في أوربا في القرن التاسع عشر
وبرزت جماعات جديدة فأصبح لزاماً على
المكتبة أن تقوم بمسؤولياتها في خدمة
كافة الرواد وأصبحت المكتبة المكان الذي
يفيد الجمهور في مختلف القطاعات »3«
.وقد
عثر في مصر على مخطوطا ت من لفائف البردي
ترجع في تاريخها إلى ثلاثة آلاف سنة قبل
الميلاد وقد كانت اللفافة لاتزيد في طولها
على عشرة أمتار وكانت هذه اللفافات تحفظ
في جلود أو توضع على الرفوف وماوجد منها
في داخل الأهرام والمقابر المختلفة كانت
عبارة عن وثائ ق في حيازة الكهنة ورجال
الدين .ولذلك
يمكن القول بأنها من جميع المكتبات التي
كون منها شبه مكتبات في وادي النيل ،
وتعتبر أقدم مكتبة في نيبور في وادي الفرات
، فقد وجد فيها نحو 30ألف
وثيقة تتعلق بالشؤون الإدارية وآلاف أخرى
تتعلق بالفنون الأدبية وكلها منقوشة على
ألواح من الطين ، وقد استمرت عادة تكوين
المكتبات على ألواح الطين طوال الدولتين
، البابلية والآشورية في القرنين السابع
والثامن قبل الميلاد .
. وفي
وادي نينوي وجدت حجرة مملوءة إلى ارتفاع
نصف متر بألواح مكتوبة وحينما تم اكتشافها
اتضح أنها جزء من مكتبة كانت لمعبد نيبو
الذي يرجع وجوده لحكم الملك سرجون »
205-721ق
. م
« كانت
محفوظة فوق رفوف ولكنها سقطت عندما تآكلت
الأرفف وتخرب ا لقصر .وهناك
مكتبة أخرى لآشور بانيبال اكتشفت سنة .
وفي
عهد هذا الملك كانت هناك حركة علمية دراسية
بمعنى الكلمة ، ولما كثرت الفتوحات
الإسلامية أخذ العرب أ ساليب الحضارة
وبدؤا في جمع وترجمة المؤلفات الإغريقية
وتكوين المكتبات »
4وتم
إنشاء العديد من المكتبات التي تضم مختلف
أصناف المعرفة ، وقد أدت الغرض في ذلك
العصر . ومن
هذا نصل إلي أن تاريخ المكتبات هو تاريخ
لتطور الكتابة بدأه الإنسان بالكلمات
المنطوقة »المشافهة
«ثم
بتمثيل هذه الكلمات برموز مرئية هي
الكتابات التي نشأت على مراحل صور محفورة
على الصخور أو الأحجار أو الخشب أو المعادن
أو الصلصال ثم كانت الكتابة مخطوطة على
ورق البردي أو الرق أو الجلد ثم الكتابة
مطبوعة على الورق العادي وليس هناك مايؤكد
أن الطباعة على الورق ستستمر أبد الدهر
بل يوجد العديد من المؤشرات تدل على أن
عصر الطباعة على الورق سينافسه العديد
من التطورات وربما يفوقه »5«ومع
تعاقب الأزمنة والعصور أدخلت العديد من
التطورات على المكتبة حتى أصبح الزمن
الذي كانت فيه المكتبة حافظة لجميع
المطبوعات قد ولى، بعد أن أصبح من واجبها
اليوم حفظ المطبوعات المفيدة ، وهناك
العديد من الإحصائيات التي دلت على أن
عدداً كبيراً من المؤلفات المصفوفة فوق
الرفوف عديمة الفائدة تحتل أماكن على
حساب مؤلفات أكثر أهمية ، وذلك لأن كل عصر
قد شكل مقتنياته ومجموعاته في مكتباته ،
فمن المكتبات البدائية في دور العبادة
ومن دورالمحفوظات التي تحفظ وثائق الدولة
وأسرارها إلى المكتبات المدرسية التي
تحرص على اقتناء الكتب المنهجية إلى
المكتبات العامة التي تخدم عامة الشعب
إلى المكتبات الجامعية والمتخصصة إلى
مراكز المعلومات ومع بزوغ عصر المعلومات
كان لابد من الاعتماد على مصادر أكثر
تطوراً لحفظ الإنتاج الفكري والتي تمثلت
في المصغرات الفيلمية ومع الثورة العارمة
للإنتاج الفكري وتشتت العلوم وتشعب
التخصصات ظهرت الحاجة الماسة لإيجاد
وسائل متطورة للوصول إلى المعلومات
المطلوبة بأقل جهد وأسرع وقت ولهذا من
أبرزها تقنيات الحاسوب والذي ساهم في ضبط
الأعمال الروتينية بالمكتبات عن طريق
الاستعانة بالتسجيلات المقروءة آلياً
في الإجراءات الفنية ويبدو أننا في القرن
الواحد والعشرين قد أقبلنا على عصر
إلكتروني جديد تصدر فيه مختلف مواد المكتبة
بالشكل الإلكتروني ويتم الوصول إلى هذه
المواد عن طريق الاتصالات المتقدمة وهذه
التقنية كانت سبباً في تغيير مفهوم المكتبة
ومهدت الطريق لظهور المكتبات الإلكترونية