الاثنين، 15 ديسمبر 2014

الأرشفة Archiving



         إن مشكلة الأرشفة الرقمية تكمن في كيفية الاحتفاظ بالسجلات الأصلية كمـا هـي مع جعلها متاحة باستمرار ولمدد زمنية طويلة , ويمكن تحقيقه من خلال حفظ السجلات الرقمية في أشكال رقمية مفتوحة المصدر Open Source  - أي أن عناصر تكوينها لا تتغير بمرور الزمن وبالتالي تحتفظ بالخصائص الأصلية للسجل الرقمي , كما انه لا علاقة لها بحقوق الملكية الفكرية فهذه الأشكال الرقمية مفتوحة المصدر ليست من إبداع احد الشركات , وإنما هي عبارة عن مجموعة من  والتيجان والاكواد التي من الممكن لأي شخص أن يكون بها شكلا رقميا مفتوح المصدر . وعليه فان حفظ السجلات الرقمية على الأشكال مفتوحة المصدر يعد حلا جيدا لمشكلة الأرشفة الرقمية .

   وحين تبحث الارشيفات الوطنية عن أشكال وصيغ رقمية Object Digital  تتناسب مع الحفظ الارشيفى طويل الأمد , عليها أن تستعين بالمبادئ التالية :
1.     أن تكون الأشكال الرقمية متاحة على الدوام ولا تتأثر بالتغيرات التكنولوجية والاصدارت التي تنتجها الشركات كل فترة .
2.     ألا تسمح الأشكال الرقمية بالتعديل والتبديل فى محتواها .
3.     أن تكون الأشكال الرقمية مفتوحة المصدر بحيث لا تتقيد بحقوق الملكية الفكرية .
4.  أن تحتفظ بالسياق الذي أنتجت فيه السجل الرقمي – بياناته الوصفية Metadata – وذلك لإعطاء مزيد من الصحة والموثوقية للسجلات الرقمية .
5.  أن يحمل الشكل الرقمي من الخصائص ما يؤهله لان يحمل جميع عناصر السجل الرقمي الذي يحويه حتى يظل السجل صالح للاستخدام على الدوام .
أنواع الأشكال الرقمية المناسبة للأرشفة

   هناك من يفضل استخدام ملفات  Portable Document Format PDF  فى أرشفة السجلات الرقمية للأسباب الآتية :
1-    الارتباطات التشعبية داخل النص وبين الوثائق ومواقع الانترنت .
2-    إمكانية تصغير أو ضغط الصفحات عند العرض .
3-    تضمين الخطوط مع الوثيقة مما يضمن عرض الوثيقة بالخطوط نفسها دون التقيد بوجودها على الحاسب الخاص بالعرض
4-    إمكانية تحميل صفحة بصفحة .
5-    صغر الحجم الناتج عن ضغط الملف الذي قد يصل لحجم أصغر من الملف النظير له في صيغةPostScript .
6-    صعوبة إحداث تغيير في نص الوثيقة بالإضافة إلى انه يحتفظ بشكل الوثيقة نفسه كما هو أيا كان برنامج المستخدم في العرض .
7-    تأمين الدخول إلى نص الوثيقة من خلال تحديد كلمة مرور, وتقييد صباغة النص أو أجزاء منه .
إلا أن من عيوبه ما يلي :
1-  ليس بالشكل الجيد لعمليان الحفظ التاريخي طويل المدى بسبب التغيير والتطوير المستمر في لغة توصيف الصفحة من قبل الشركة المنتجة لهذا البرنامج .
2-     من الصعب تصميم برمجيات تحويل محتوى ملفات PDF إلى صيغ أخرى .
3-     لا تتيح الصيغة بنية الملف وبالتالي يصعب البحث عن جزء أو فقرة في النص .

   وللتغلب على مشكلة الحفظ التاريخية فانه يمكن حفظ السجلات ومحتواها في صيغة تتناسب مع الحفظ طويل المدى مثل ASCII ,TIFF, SGML ثم تحويلها إلى صيغة DDF لإغراض الإتاحة والعرض فقط .


الأشكال مفتوحة المصدر Open Source
 وهى أشكال وصيغ رقمية يستخدم في إنشاءها مجموعة من الواصفات المعيارية – مجموعة من الرموز والتيجان – التي حددتها المنظمات الدولية للتوحيد القياسي مثل معيار ISO 10646 وهى أشكال موثقة لا تعتمد على منتج واحد مثل ملفات XML, SGML , ومتاحة للعامة دون التقيد بحقوق الملكية الفكرية .
الأشكال المغلقة :
 وهى أشكال رقمية منتشرة على نطاق واسع ولكن تركيبها وخصائصها التكنولوجية ليست متاحة للجمهور وتملكها احد الشركات العمالة في مجال تقنية المعلومات مثل شركة مايكروسوفت التي تملك مجموعة برامج الأوفيس , وشركة أدوبي التي تملك ملفات PDF , وهذه الملفات ليس من حق الجمهور أو أي شخص أو هيئة أن تغير من خصائصها دوت الرجوع إلى الشركة المنتجة .

     والمبادئ السابقة جميعها تتوفر في الملفات مفتوحة المصدر , وقد وجدت الارشيفات الوطنية أن لغة الترميز القابلة للتوسع Exchange Mark up Language "XML"  هي اللغة الأفضل التي تستخدم في بناء الملفات مفتوحة المصدر التي تحوى داخلها السجلات الرقمية , فهي لغة دولية معتمدة من المنظمة الدولية للتوحيد القياسي.
  ولغة XML هي عبارة عن مجموعة محددة مسبقا من الواصفات والعناصر سواء كانت تيجان أو رموز تستخدم في إدماج وتضمين معلومات خارجية داخل وثيقة نصية الكترونية , وقد اعترف بهذه اللغة عام 1998 وهى عبارة عن نموذج مصغر من لغة الترميز المعيارية العامة Standard General Mark up Language "SGML"   , وهى تعتبر مقياس لإدارة المعلومات تم تبنيه من قبل هيئة التوحيد القياسي ISO عام 1986 كوسيلة لإنشاء وثائق قابلة للتنسيق.
    ومهمة لغة XML تتركز في ترميز المعلومات وصياغتها في بناء هيكلي موحد يسهل التعامل معه بواسطة كافة الأنظمة والتطبيقات , وقد طور هذه اللغة رابطة الشبكة العنكبوتية W3C وهى عبارة عن مؤسسة مكونة من أكثر من 180 عضو من المنظمات والهيئات التجارية والأكاديمية والحكومية من مختلف أنحاء العالم ومن مميزات هذه اللغة :
1 – تقنين نشر المصادر الالكترونية – السجلات الرقمية -  بشكل مستقل وبأسلوب موحد .
2 -   تسليم المعلومات إلى البرامج المستخدمة من قبل المستفيدين بشكل يسهل معالجتها آليا والتعامل معها فور استلامها .
3 –سهولة معالجة المعلومات والبيانات وتبادلها عبر مختلف التطبيقات والأنظمة بأقل تكلفة
4- – سهولة دعم البيانات الواصفة Metadata لكل وثيقة مما يسهل استرجاعها ومن ثم إيجاد حلقة اتصال بين منتج أو صانع المعلومات والمستفيد النهائي منها .

   ولغة XML هي لغة بسيطة ومتوافقة مع ملفات ASCII وهى رموز تتميز بمقاومتها للتلف بشكل كبير فعلى سبيل المثال لو أن كلمة Welcome نقص منها حرف "e" فتصبح الكلمة Welcom ولكنها تظل في الملف المكتوب بلغة XML مقروءة ويمكن فهمها من سياق النص , في حين إذا نقص رمز من أحد التعليمات في ملف معالجة الكلمات MS Word فانه من العب بل من المستحيل قراءة الملف ويصبح غير قابل للعمل .

كما أن هناك ميزة كبيرة في الملف المنشأ بلغة Xml وهى أن هذه اللغة ذاتية الوصف أي أنها لا تحتاج إلى برامج أو أنظمة لقراءتها وفهمها مثل ملف PDF الذي يحتاج إلى برنامج Acrobat Reader لقراءته , بينما إذا وجد ملف مكتوب بلغة  XML بعد خمسين سنة من الآن وتم فتحه وكان مكتوب فيه :
website >
name >
Yahoo
/name>
url >
www.yahoo.com
/url >
/website >

    فمن قراءة هذه العناصر الموجودة فى مصدر الملف Source File فسوف يفهم منها ببساطة أنها تتعلق بموقع ياهووYahoo  وان عنوانه على شبكة الانترنت هوwww.yahoo.com   بينما هذا لا ينطبق على احد الملفات مغلقة المصدر مثل ملفexcel 97 , word 2000 وغيرها حيث لا يملك المستفيد بعد مرور نصف قرن البرنامج القادر على فتح هذه الملفات وقراءتها , كما انه من الممكن إذا ما تلف أي بايت Byte من الملف فإننا لا نستطيع قراءته .


وعلى الأرشيف الوطني أن يعتمد الملفات المكتوبة بلغة XML للأسباب الآتية :
1 – تسمح الملفات المكتوبة بلغة XML  بسهولة وسرعة إنشاء الأشكال الأرشيفية التي ليس لها حق الملكية الفكرية , وبالتالي لا تقع الأرشيفات تحت طائلة القانون .
2 – تسمح ملفات XML بحفظ السجلات الرقمية كما هي بدون تغيير في عناصرها الأساسية أو خصائصها الوظيفية , مما يحافظ على صحتها وتكاملها .
3 – الواصفات الخاصة بلغة XML  - التيجان والرموز , متاحة مجانا فيستطيع أي شخص  أن ينشئ ملف مكتوب بلغة XML  بدون الاعتماد على ملكية الصانع أو منتج تكنولوجيا المعلومات .
4 – لا تتأثر الملفات المكتوبة بلغة XML بتغير التكنولوجيا وبالتالي لا تحتاج إلى إجراء عملية هجرة Migration لمحتوى الملف كل فترة مما يوفر تكلفة كبيرة للمنظمات . (Heslop,Helen&Davis,simon,2002).

    وقد وضعت المنظمة الدولية التوحيد القياسي ISO  ولجنة الاتصالات الدولية IEC واتحاد الاتصالات الدوليةITU  والعديد من المنظمات الإقليمية والوطنية للتوحيد القياسي عدد من المعايير التي يجب عن تطيق عند إنشاء الأشكال الرقمية  بصفة عامة :
1-   أن تكون أشكال مفتوحة المصدر وموثقة بحيث يمكن مشاهدتها وقراءتها عبر أي برنامج أو نظام
2- أن تكون ثابتة ومستقرة بحيث يستخدم في إنشاءها واصفات معيارية ( رموز وتيجان )  حتى لا نضطر إلى تغيرها كل فترة .
3-   أن يتم دعمها واستخدامها من قبل كل البرامج والأنظمة الآلية .

وهناك عدد من المعايير التي يجب أن تتوفر في الشكل الرقمي التي يتم اختياره لأغراض الأرشفة وهى :

·        أن تكون موحدة ومعيارية بحيث تظل ثابتة ومستقرة ولا تعتمد على منتج واحد .
·        أن تكون منتشرة على نطاق واسع بما يكفى لإتاحتها في الأسواق .
·        أن تكون قابلة للتنفيذ وتعمل على كافة التطبيقات ونظم التشغيل وبروتوكولات الشبكات .
·        أن توفر هذه الأشكال الرقمية بناء جيد لتخزين المعلومات .
·        أن توفر تقنية لاكتشاف الأخطاء وتصحيحها عند تخزين البيانات.
·        تخزين المعلومات دون فقد أي منها . -  أن يكون الشكل الرقمي سهل الاستخدام .
·        إمكانية القيام بعمل حقول خاصة تستخدم في تخزين ما وراء البيانات الواصفة Metadata .
·         القدرة على الاحتفاظ بالخصائص الأساسية للسجل الالكتروني على مر الزمن .



تحويل الأشكال الرقمية إلى أشكال أرشيفية تعتمد على لغة XML

   يتم تحويل الأشكال الرقمية إلى أشكال أرشيفية عن طريق عملية تسمى بالتطبيع أوNormalization وهى عبارة عن تحويل الشكل الرقمي الأصلي من مصدره إلى شكل أرشيفي يعتمد على لغة XML  وهى عملية تتم بطريقة آلية باستخدام برنامج يسمى بNormalizer , وتتم عملية التحويل عن طريق نقل الشكل الرقمي الأصلي من مصدره إلى ملف مكتوب بلغة XML , وبالتالي يصبح لدينا شكل رقمي أصلى وهذا يتم نقله إلى المستودع الرقمي الرئيس . وشكل رقمي منقول ويحمل كل خصائص الشكل الرقمي الأصلي , وهذا الشكل المنقول هو ما يتم استخدامه وقراءته وعمل نسخ منه للإطلاع عليها .


وعند إجراء عملية التحويل إلى الأشكال الأرشيفية أن نتجنب ما يلي :
·        لا يجوز بحال أن ننقل الأشكال الرقمية المشفرة التي لا يمكن فتحها إلا بكلمة سرPassword
·   لا يمكن تحويل الملفات المضغوطة إلى ملفات أرشيفية لان ضغط الملفات يؤدى في كثير من الأحيان إلى فقد معلومات من السجل الرقمي .
   وهناك توصية خاصة بعدم ضغط الملفات عند الرغبة في حفظها للمدد زمنية طويلة , فعند فك هذه الملفات باستخدام احد برامج فك الملفات المضغوطة مثل Zip Rar فإننا قد نفقد بعض البايتات مما يجعل السجلات الرقمية غير قابلة للقراءة وعدم القدرة على مشاهدتها . ونحن لا نلجأ إلى ضغط الملفات لأنه يقلل مساحتها , وإذا كان لا مفر من ضغط الملفات فعلى الارشيفى أن يختار طريقة للضغط تقلل من فقد البيانات واختيار طريقة موثقة ومعيارية 

الجمعة، 10 أكتوبر 2014

تطور المهنة المكتبية


 تطور المهنة المكتبية

بداية إرتباط مهام أختصاصي المكتبة بالمكتبة التي يعمل بها. والمكتبات على أنواع عدة، منها المكتبات القومية، والعامة، والمدرسية، والجامعية، والمتخصصة، والخاصة، وكل نوع من هذه المكتبات تقدم خدماتها لفئة معينة من المستفيدين، ولا يستثنى منها سوى المكتبات العامة، فهي مكتبات الشعب وجامعته، فهي تفتح أبوابها أمام الجميع بلا تفرقة بينهم لجنس أو لدين أو لعمر أو لجانب اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي، فهي تهب العلم حرًا لكل من يقصدها، ولذلك فخدماتها تتسع لتشمل كافة الخدمات المكتبية التي تركز عليها الأنواع الأخرى من المكتبات، ولذلك سوف نتتبع تاريخ وتطور اختصاصي المكتبة من خلال هذه النوعية من المكتبات.
وبادئ ذي بدء فقد ارتبطت المهام التي يقوم بها اختصاصيو المكتبة العامة بالخدمات المكتبية العامة، ولذلك أشار الاتحاد الدولي لجمعيات المكتبات والمعلومات( IFLA) إلى أن المقصود من الخدمة المكتبية العامة وظائف المكتبة العامة، أو المحصلة النهائية لهذه الوظائف، وأن المقصود من مصطلح وظائف ما تقوم به المكتبة العامة فعلاً من أعمال وأنشطة تلبية لرغبات المترددين عليها.
ولقد تطورت وظائف اختصاصي المكتبة على مر العصور مع تطور المكتبات وخدماتها، ففي العصور القديمة كانت المكتبات جزءًا من دور العبادة، مثلها في ذلك كالمدارس والمستشفيات، ولقد تمثلت طبقة العلماء في الكهنة ورجال الدين، وكان هؤلاء يحتفظون بإنتاجهم الفكري من كتب وأبحاث ودراسات في المعابد التي يعملون بها، وقاموا بتدوين هذا الإنتاج بكتابات لا يستطيع أفراد الشعب قراءتها، ومن ثم لا يستطيع أحدهم معرفة أسرارهم العلمية فينافسهم الزعامة والسيطرة على الناس، ففي مصر القديمة- على سبيل المثال- كانت الكتابة الهيروغليفية أولى الكتابات التي ابتكرها كهنة مصر العلماء ودونوا بها كتاباتهم المختلفة، وبالمثل كانت حضارات الصين والهند وبلاد الرافدين، وفي هذه الأثناء لم يتم تعيين مسؤول للمكتبة، فقد كان هؤلاء العلماء يحتفظون بإنتاجهم الفكري بالمعابد بالصورة التي تتراءى لهم، ولكل منهم مكان خاص، ومع تزايد الإنتاج الفكري بدأ يتطوع أحدهم بتنظيم مقتنيات المكتبة بصورة معينة من أجل المحافظة عليها من التلف أو الفقد، وفي نفس الوقت لم تكن المكتبة مفتوحة أمام عامة الشعب، بل اقتصرت خدماتها على فئة العلماء فقط.
وبعد أن كانت هذه الوظيفة بالتطوع أصبحت بالتعيين، ولقد كان التركيز في البداية على اختيار أمين المكتبة من العلماء أو المفكرين أو الأدباء أو المحبين للكتب والقراءة، ففي مكتبة الإسكندرية القديمة وقع الاختيار على( كاليماخوس) الذي كان يعمل معلمًا إلى جانب شهرته في مجال الشعر والأدب، وعندما تولى العمل في إدارة مكتبة الإسكندرية وجد أن مقتنيات المكتبة في نمو متزايد، نتيجة حرص الملوك البطالمة على جمع التراث اليوناني والبشري من كل مكان بهذه المكتبة، حتى إن السفن التي كانت تأتي إلى ميناء الإسكندرية كان يتم تفتيشها وتفتيش من عليها بحثًا عن الكتب لتزويد المكتبة لها، لذلك فكر (كاليماخوس) في عمل سجل يضم كافة هذه المقتنيات، ووصف كل كتاب بعنوانه واسم مؤلفه وموضوعه وفقرات من بدايته ونهايته، وذلك من أجل حصر المقتنيات، وتسهيل تعرف العلماء وصغار العلماء من طلبة العلم المترددين على المكتبة على مقتنياتها. وعندما مات (كاليماخوس) ولم يكن قد انتهى من هذا العمل استكمله تلاميذه (أبولونيوس) و(أرستاخوس).
ولقد استمرت الفئة المسيطرة على إدارة المكتبات من العلماء والأدباء ومحبي القراءة نظرًا لارتباطهم كثيرًا بالمكتبات من أجل القراءة والاطلاع وإعداد الأبحاث والدراسات المختلفة، إلى جانب تشجيع الحكام لهم على مواصلة البحث العلمي. ففي العصر الإسلامي ظهرت الكثير من المكتبات العامة، وكان من أبرزها "بيت الحكمة" في بغداد التي أقامها الخليفة المأمون، وبيت الحكمة في القاهرة التي أقامها الحاكم بأمر الله. ولقد حرص الخلفاء على جمع تراث الإنسانية بمكتباتهم، كما شجعوا الترجمة من اللغات المختلفة إلى اللغة العربية، حتى إن المأمون كان يمنح كل من يقوم بترجمة أي كتاب إلى اللغة العربية وزن ورقة ذهبًا.
هذا، ولقد استمرت وظيفة المكتبي الأساسية تقوم على الجمع والحفظ، أي جمع مقتنيات المكتبة وحفظها، حتى إن المكتبات الفرنسية- على سبيل المثال- كانت تربط الكتب بالسلاسل خلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين تأكيدًا للمحافظة عليها من أية أخطار تهددها، بخاصة تعرضها للسرقة، وكان من يريد القراءة يأخذ الكتاب بسلاسله ويقرؤه ثم يعيده للخزانة كما هو. وحرص أمين المكتبة في هذه الفترة على أن تكون الكتب بعيدة (قدر المستطاع) عن أيدي الناس، حتى يتمكن فيما بعد من تسليمها عهدة لمن يأتي بعده من أمناء المكتبة، دون أن تكون الكتب قد مزقت، أو أصابها التلف من كثرة الاستخدام، أو فقدت بسبب السرقة. ولقد كان أمين المكتبة معذورًا في ذلك، حيث كانت الكتب غالية الثمن وصعبة المنال، ولا يمكن تعويضها، وكانت المكتبة لا يوجد بها سوى نسخة واحدة من كل كتاب، وكانت عبارة عن مخطوطات يتم نسخها باليد، فلم تكن الطباعة قد اخترعت بعد
ومع تركيز أمناء المكتبات في هذه الفترة على المحافظة على الكتب وتقديمها على حذر للمستفيدين، كان لا يهتم الكثير منهم بتنظيم مقتنيات مكتباتهم لتسهيل الاستفادة منها، ومن كان ينظم مكتبته فإنه كان ينظمها بطريقته الخاصة، نظرًا لعدم وجود قواعد وأسس لتنظيم المكتبات آنذاك، وفي نفس الوقت كان أمين المكتبة لا يحرص على بذل أي جهد لتشجيع الناس على استخدام الكتب والقراءة، بل كان يضع العراقيل أمامهم، حتى إن بعض المكتبات الأوروبية جعلت ارتياد المكتبة في أيام معينة، ومنها من اشترطت ألا يقل سن المستفيد عن 21 عامًا، وأن يكون الغرض من ارتياد المكتبة هو الاطلاع فقط، مع عدم جواز القراءة بغرض اجتياز امتحان معين! ولذلك كانت الخدمة المكتبية العامة في هذه الفترة وقفًا على المفكرين فقط، والذين لديهم معرفة بالكتب، أي الذين يستطيعون تحديد ما يرغبون في قراءته دون مساعدة كبيرة من أمين المكتبة.
ومع بداية عصر النهضة في أوروبا بدأ أول نداء للاهتمام بالمكتبات العامة على يد «مارثن لوثر»، الذي اعتبرها ضرورية للتعليم، نظرًا لزيادة أعداد المدارس وزيادة الاهتمام بمحو الأمية، وظهور حركات الإصلاح المختلفة، ونداءات الحرية والتقدم والنهضة الثقافية والفكرية. وبذلك تغيرت وظيفة أمين المكتبة من مجرد جمع وحفظ مواد المكتبية، إلى تشجيع استخدامها بلا قيود أو عقبات. ولذلك ابتكر المكتبيون عمليات فنية مساعدة للمستفيدين على استخدام المواد المكتبية وتشجيعهم على ارتيادها، وإرشادهم إلى المواد المناسبة لهم، ومن ثم تحول أمين المكتبة من مجرد حارس لها إلى مشجع للتردد على المكتبة والاستفادة منها.

التكوين الأكاديمي في المهنة المكتبية

ومع تطور المكتبات العامة، وتعدد وظائف العاملين بها، استلزم الأمر تغيير طريقة اختيار العاملين بالمكتبات، فلم يعد العالم أو المفكر أو المحب للقراءة قادرًا على استيعاب متطلبات المستفيدين، وتنظيم المكتبة بطريقة مناسبة لتسهيل استخدام موادها. ولذلك بدأت مرحلة تأهيل العاملين بالمكتبات وتخريج أجيال جديدة من مدارس وأقسام وكليات ركزت دراساتها على المكتبات وطريقة تنظيمها وخدماتها، وفي نفس الوقت نشطت أبحاث المكتبات والقراءة وخدمات المستفيدين، ومواكبة التطورات التكنولوجية الحديثة.
لقد كانت بداية الدعوة لإنشاء معاهد متخصصة في المكتبات في «ميونخ» بألمانيا سنة 1829م لتوفير العناصر المناسبة لتقديم الخدمات المكتبية المناسبة، وبدأ أساتذة الجامعات في هذه الفترة في الاهتمام بالمهنة الوليدة، حيث تم تكثيف الدعوة لتدريب المكتبيين في ألمانيا منذ عام 1887م، بخاصة بعد أن وضع أمين مكتبة إحدى الجامعات الألمانية برنامجًا دراسيًا جامعيًا لمدة ثلاث سنوات في علم المكتبات عام 1874م، كما قامت جامعة جوتنجن بإنشاء كرسي للأستاذية في علم المكتبات عام 1886م. وفي الولايات المتحدة كان قد نجح رجال المكتبات الأوائل في إنشاء الجمعية الأمريكية للمكتبات «ALA» عام 1876م والتي تعد أقدم مؤسسة مهنية في تخصص المكتبات على مستوى العالم، ثم جاء عام 1887م ليتوج هذه الجهود بظهور أول دراسة رسمية لتدريس المكتبات بجامعة كولومبيا بنيويورك بفضل جهود «ملفيل ديوي» عالم المكتبات الشهير، صاحب أشهر تصنيف لأوعية المكتبات التي عرف باسمه (تصنيف ديوي العشري)، والذي قال يوم افتتاح الدراسة الرسمية للمكتبات: «جاء الوقت أخيرًا لنقول بأن المكتبي يحتل مهنة».
وبعد أن كانت المكتبات تقتصر خدماتها على الكبار جاء عام 1890م ببدء أمناء المكتبات في فتح مكتباتهم أمام الأطفال بجانب الكبار، واهتموا بتزويد مكتباتهم بالمواد المناسبة لهم، حتى أصبحت في أوائل القرن العشرين الكتب التي تعار للأطفال في الكثير من المكتبات تمثل ثلث مجموع الكتب التي تعار للكبار! وبعد أن كانت كتب الأطفال تمثل رفًا بين كتب الكبار، أصبحت تمثل ركنًا بالمكتبة أو قسمًا خاصًا بهم، بل منفصلاً في الكثير من الأحيان، ليضم بجانب المواد المكتبية وسائل الترفيه المختلفة من ألعاب ورسم وموسيقى. ومن ثم يصبح للأطفال مطلق الحرية في قسمهم الخاص، ولا يعترض عليهم الكبار لارتفاع أصواتهم أو كثرة حركاتهم، كما تم اختيار من يعمل بهذا القسم إلى جانب تخصصه في المكتبات أن يكون متخصصًا في كيفية التعامل مع الأطفال، وعلم نفس الطفولة.
وإذا انتقلنا إلى العالم العربي نجد أن البداية الأولى لتأهيل العاملين بالمكتبات كانت من مصر، ففي منتصف القرن العشرين تم إنشاء معهد الوثائق والمكتبات بجامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليًا)، والذي تحول إلى قسم المكتبات بكلية الآداب بعد ذلك، ثم أنشئت العديد من أقسام المكتبات في جامعات مصر المختلفة، وبذلك أصبح خريجو هذه الأقسام قادرين ومؤهلين لتنظيم وإدارة المكتبات وتقديم الخدمات المكتبية بصورة مناسبة، ثم أخذت الجامعات العربية في إنشاء أقسام دراسات المكتبات منذ أواخر سبعينيات القرن العشرين، حتى أصبحت دراسة المكتبات واحدة من أبرز الدراسات بمعظم الدول العربية.
وفي الحلقة الدراسية التي عقدت ببيروت عام 1959م تحددت وظائف المكتبات العامة، وتطورت بناء عليها وظيفة أمين المكتبة من تنظيم المواد المكتبية وإرشاد القراء إليها، إلى الكثير من الوظائف، كالمساهمة في حملات محو الأمية وتعليم الأطفال والكبار، وكذلك تقديم الخدمات المرجعية المختلفة، واستخدام المواد السمعية والبصرية في مساعدة الأميين، وعدم اقتصار مقتنيات المكتبات على الكتب، وتنويعها لتشمل أشكال المواد المكتبية الأخرى. كما بدأت مدارس وأقسام المكتبات في العالم في تدريب خريجيها على القيام بهذه الوظائف المختلفة، حتى يصبحوا على دراية كافية بهذه الوظائف والخدمات.
وجاء عام 1971م ليعلن بدء تقديم الخدمات المكتبية للفئات الخاصة من فاقدي السمع أو البصر والمرضى ونزلاء السجون والمستشفيات وسكان المناطق النائية، وذلك تحقيقًا للمساواة بين الجميع. فالمعرفة والقراءة حق للجميع. ولذلك بدأت المكتبات في اقتناء المواد المكتبية الخاصة بالفئات الخاصة مثل الكتب الناطقة، والكتب المكتوبة بطريقة (برايل). كما تم توفير العاملين المؤهلين للتعامل مع هذه الفئات، وتقديم الخدمات المكتبية لهم، وبدأت المكتبات المتنقلة والمحمولة تصل بالخدمات المكتبية للمناطق النائية، إلى جانب إقامة المكتبات بالمستشفيات والسجون لتوفير خدمات القراءة والاطلاع للنزلاء، مع التركيز على المواد التي ترفع من معنوياتهم، وتحثهم على القيم والأخلاق النبيلة، والمشاركة في بناء وإصلاح المجتمع.
وفي العام التالي ظهر إعلان اليونسكو للمكتبات العامة الذي حدد معالمها المختلفة، والتي منها دور العاملين بها. ثم جاء عام 1973م بمعايير المكتبات العامة التي وضعها الاتحاد الدولي لجمعيات المكتبات «IFLA»، والتي حددت المهام المختلفة لأمين المكتبة، وعدلت بعد ذلك عام 1977م بإدخال الكثير من التعديلات عليها. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل ظهرت عدة تعليمات وخطوط إرشادية حول المكتبات العامة ووظائف العاملين بها عام 1986م، وذلك لمواكبة التطورات التي تطرأ على تقنيات المعلومات والمكتبات، كظهور الحاسب الآلي واستخدامه بالمكتبات.
كما تعد هذه الخطوط الإرشادية بديلاً عن المعايير التي وجد من الصعب تطبيقها في كل مكان، نظرًا لاختلاف إمكانيات المكتبات من دولة إلى أخرى.
ومع ظهور شبكة الإنترنت واستخدامها بالمكتبات، طرأت تطورات عديدة على المكتبات العامة، حيث تعددت أقسامها، وكثر العاملون بها، وتم تقسيم العمل بينهم. كما ظهرت العديد من الوظائف الجديدة، كاختصاصي المعلومات، واختصاصي الموضوعات، واختصاصي قسم الأطفال، إلى غير ذلك من الوظائف والمهام المكتبية.
وبذلك بدأ يختفي أمين المكتبة الشامل الذي يقوم بجميع المهام المكتبية في معظم المكتبات العامة، بخاصة الكبيرة منها، وبدأ يظهر اختصاصي التزويد، واختصاصي الإعداد الفني للمواد المكتبية، واختصاصي خدمات الإعارة والاطلاع الداخلي، واختصاصي قسم الأطفال، واختصاصي قسم الشباب، واختصاصي الفئات الخاصة، واختصاصي قسم الأوعية غير المطبوعة، واختصاصي المعلومات والإنترنت، والاختصاصي الموضوعي.
المصدر :-
http://alyaseer.net/vb/showthread.php?t=23348

السبت، 13 سبتمبر 2014

المصغرات الفيلمية تاريخها ونشأتها


نبذة تاريخية عن تطور المصغرات الفيلمية

تحتل تقنية المصغرات الفيلمية مكانة بارزة للغاية فى عالم المعلومات اليوم فقد أدت الزيادة الهائلة فى حجم المعلومات إلى تسمية هذا العصر بعصر إنفجار المعلومات مما إستوجب الإبتكار الدائم والمتجدد لوسيط تقليدى لحفظ المعلومات ، وقد شهدت خمسينات هذا القرن تطورا عمليا وتكنولوجيا فى وسائل حفظ ومعالجة البيانات ، ويمكن القول بأن هذا التطور يشكل ثورة المعلومات ويمكن تقسيم تطور المصغرات الفيلمية إلى ثلاث مراحل :-
  • المرحلة الأولى 1839_1925
لقد كانت أول محاولة للتصوير المصغر على يد الإنجليزى جون بينيامين دانسر الذى نجح بعد تجارب عديدة فى تسجيل أول صورة مصغرة بنسبة تصغير خطية 16:1 وإستمر الفرنسى لويس داجير فى محاولات دانسر لتطويرها إلى أن جاءت الحرب الفرنسية البروسية (1870_1872) وقد كانت باريس آنذاك محاصرة ودعت الحاجة إلى إرسال معلومات للجنود الفرنسيين الموجودين خلف الحصار فكان أول إستخدام علمى للمصغرات الفيلمية على يد الفرنسى رينيه داجرون الذى إستطاع تسجيل2,5 مليون رسالة على أفلام فى خلال ثمانية أسابيع وإرسالها خلف خطوط القتال بواسطة الحمام الزاجل.
ومنذ ذلك التاريخ وحتى أوائل هذا القرن لم تسجل تطورات ذات أهمية فى مجال المصغرات الفيلمية.
  • المرحلة الثانية 1925_1955
وتسجل تلك المرحلة إنتاج جهازين هامين فى مجال المصغرات الفيلمية هما ماكينات التصوير الدوارة Rotary Cameras والأجهزة القارئة الناسخة Readers Printers فقد إخترع الأمريكى جورج مكارثى جهاز التصوير الدوار لتصوير الشيكات فى بنك نيويورك ثم إنتشر الجهاز بعد ذلك فى الولايات المتحدة الأمريكية ومنذ ذلك حتى فترة الخمسينات لم تتم أى تطورات ملحوظة فى مجال المصغرات الفيلمية عدا كتابات الباحثين والمكتبيين التى تلمح عن تطوير إستخدام تلك التكنولوجيا فى مجال حفظ وإسترجاع المعلومات.
  • المرحلة الثالثة
بدأت هذه المرحلة مع إختراع الحاسوب وإستخدامه حتى وقتنا هذاوقد شهدت تطورا كميا وكيفيا فى إستخدام تقنيات التصوير المصغر والتزاوج بين أجهزة الحاسوب وأجهزة المصغرات الفيلمية نظام (COM) ويعنى Computer OutPut MicroFilm وأخذت تقنيات المصغرات الفيلمية مكانها بين نظم المعلومات المختلفة بما يسمى بالنظم المتكاملة للمعلومات.

مميزات إستخدام المصغرات الفيلمية :-
  1. التوفير فى المساحة.
  2. سرعة وسهولة الإسترجاع.
  3. الأمن والسرية.
  4. زيادة الإنتاجية.
  5. ملفات ذات تسلسل ثابت.
  6. توحيد قياسات الوثائق.
  7. التوفير فى تجهيزات الحفظ.
  8. التوفير فى تكاليف النسخ والتوزيع.
  9. سهولة تحويل المصغرات الفيلمية إلى أشكال ورقية.
  10. إقتناء الأشكال الجاهزة.
المصدر:-
  • الدليل العملى للمصغرات الفيلمية /إعداد مركز التوثيق والمعلوامات_تونس ،1990م...من ص17 إلى ص21.

الجمعة، 29 أغسطس 2014

تكنولوجيا التعريف بترددات الراديو RFID

التعريف :-
مختصر للتعبير الفني Radio-Frequency IDentification ويطلق هذا المصطلح التقني على نظام التحقق من بعد على هوية شيء ما كالإنسان أو غيره طال ما كان مثبتاً به ما يعرف ببطاقة RFID tag ووجود جهاز يسمى قارئ RFID reader في الموقع الذي يمر به الإنسان أو غيره. بدأ الاهتمام يزداد في تركيب أنظمة RFID مع بداية القرن الحالي وأصبحت حاجة ملحة خاصة في أمن المنشآت على سبيل المثال، حيث يمكن عن طريقها التعرف على هوية العاملين في جهة ما. بل يتعدى الأمر ذلك إلى متابعة تحركات العاملين من مكان لآخر باستخدام موجات الراديو Radio Waves حيث أن البعض من بطاقات التعريف هذه يمكن قراءتها على بعد بضعة أمتار من الموقع الذي يتواجد فيه جهاز قارئ البطاقات. وأن معظمها يتكون من جزءين على الأقل: الأول عبارة عن دائرة متكاملة لتخزين ومعالجة المعلومات والثاني عبارة عن هوائي لاستقبال وإرسال موجات الراديو. المثال الآخر المهم على ذلك هو استخدام هذه التقنية من قبل الشركات المصنعة للسيارات حيث يتم لصق بطاقة RFID على هيكل السيارة وعند انتقال هذا الهيكل من خط إنتاج إلى آخر وبمجرد قراءة الكمبيوتر للبطاقة التي يحملها هيكل السيارة تعطيك فكرة عن ما تم إنجازه في المراحل السابقة والمرحلة القادمة من الإنتاج أو التصنيع.
مكونات أنظمة RFID
- بطاقة RFID tag والتي يحملها الفرد أو مادة أخرى.
- قارئ البيانات مع الهوائي والذي يقوم بقراءة بيانات البطاقة وينشطها.
- جهازإ استقبال البيانات ويكون مرتبطاًٍ بجهاز كمبيوتر أو خادم ملفات.
لكي تعمل المكونات أعلاه بصورة طبيعية يجب أن تتوفر لها بنية تحتية من شبكة عمل محلية LAN سواء كانت بالكابلات Wired أو بدون WiFi wireless، فعند مرور المادة التي تحمل بطاقة RFID تتم قراءة الرقم الخاص بها Identification Code من قبل جهاز قارئ البيانات ومن ثم يتم إرسال إشارة إلى جهاز استقبال البيانات الذي يقوم بتحليلها وإظهار بياناتها على جهاز الكمبيوتر.
من هنا نرى أن المكونات الأساسية لهذه الأنظمة بسيطة وغير معقدة ولا تحتاج إلى الكثير من الاستثمار لتركيبها في موقع ما، كما أن المنافع التي يمكن أن يجنيها الموقع كثيرة خاصة عندما يتطلب الأمر توفير الأمن لموقع معين أو تتبع ممتلكات المنشأة وحمايتها من السرقات أو الضياع وتكمن أهميتها عندما يتم تركيبها في أماكن الدخول والخروج للمباني أو المجمعات السكنية أو مواقف السيارات وغيرها. يمكن للقارئ أن يتفهم أهميتها في مدخل موقع معين للتحقق من شخصية معينة أو بضاعة أو مادة، أما في منافذ الخروج فأن أهميتها تكمن في منع خروج كل ما هو غير مسموح له بالخروج.
طبعاً من الممكن جدا أن يتم تركيب أنظمة RFID في مجمع يحتوي على مجموعة من المباني بشرط أن تتوفر شبكة عمل محلية تربط هذه المباني وأن يتم تركيب نقاط تقوية تحتوي على جهازي قارئ البيانات واستقبالها لكي تكون عملية قراءة ومتابعة البيانات الموجودة على بطاقة RFID tag متاحة في جميع أجزاء الموقع.
لنا هنا وقفة أو ملاحظة للحديث عن الفرق بين أنظمة RFID وأنظمة Bar Coding، حيث قد يتصور البعض أن النظامين متشابهان وأن أنظمة RFID ما هي إلى عبارة عن تطوير لأنظمة Bar Coding، تكمن أوجه الاختلاف هو أن أنظمة RFID لا تحتاج إلى أجهزة المسح الضوئي سواء كانت الثابتة أو المحمولة يدويا لقراءة الكود المسجل على بضاعة معينة كما هي الحال مع أنظمة Bar Coding. كما أن قراءة RFID tag يمكن أن تتم من على بعد عن طريق ما يسمى High frequency RFID Systems.
بقي لنا أن نذكر بعضاً من الاستخدامات المهمة لمثل هذه الأنظمة كوجودها على جوازات المسافرين وفي المستشفيات لتتبع حالة المريض ومراحل علاجه وفي المستودعات للتعرف على الخزين وهكذا. كما لا يفوتنا أن نذكر أن هذه الأنظمة يمكن ربطها مع أنظمة تطبيقية أخرى كشئون الموظفين والرواتب والمستودعات.
تاريخ تقنية RFID
ةتقنية (RFID) وتعني (تحديد الهويه باستخدام موجات الراديو). والتقنيه عباره عن تحديد الهويه بشكل تلقائي بالاعتماد على جهاز يسمى (RFID Tags). هذا الجهاز (RFID Tags) عباره عن كائن صغير يمكن ادراجه بالمنتجات أو الحيوانات أو الإنسان. يحتوي هذا الكائن على شريحة مصنوعه من السيلكون وهوائي (انتينا) لكي يستطيع استقبال وإرسال البياناتوالاستعلامات من خلال موجات الراديو.
منذ مدة بدأت ثورة في أنظمة التعريف الآلية باستخدام الترميز بالأعمدة (Barcode) حيث تم استخدامها بشكل كبير في كافة الأنظمة الصناعية والاستهلاكية وذلك لتأمينها قراءة آلية ورخص تكلفتها ولكن مؤخراً بدأ يظهر عجز هذه التقنية في بعض التطبيقات
·   لقلة المعلومات الممكن تخزينها
·   وعدم قابلية إعادة البرمجة
·         وضرورة مواجهة اللاصقة إلى الماسح
·         وعدم إمكانية قراءة أكثر من لاصقة في نفس الوقت
·         وعدم إمكانية إعطاء رقم مستقل لكل وحدة وإنما يعطى رمز واحد لكل وحدات النوع نفسه.
نشأت فكرة الرقاقات اللاسلكية في بداية السبعينات، ومع التقدم التقني الكبير في مجال الشرائح الإلكترونية وانخفاض ثمنها في السنوات الأخيرة أصبحت الرقاقات الإلكترونية البديل الأمثل في نظم التعريف الآلية. وأكثر أنواع نظم التعريف الآلية المستخدمة اليوم هي البطاقات الذكية التي تعتمد على التلامس مع القارئ للتواصل، مثل بطاقات الهاتف والبطاقات البنكية. ولكن الاتصال الميكانيكي بين القارئ والبطاقة غير مناسب من الناحية العملية. إن التواصل دون التلامس مع القارئ يؤمن مرونة عالية في الكثير من التطبيقات، حيث تعمل الرقاقات على إصدار إشارات رقمية تنتقل عبر موجات الراديو القصيرة والطويلة ويقوم جهاز المسح أو الأقمار الاصطناعية على إيجاد هذه الإشارات وتحديد مكان ونقطة صدورها، ولهذا السبب يطلق على هذه التقنية “التعريف بترددات الراديو” (Radio Frequency Identification) واختصاراً تعرف (RFID)، وفي السنوات الأخيرة ازداد انتشار تطبيقات أنظمة RFID بشكل واسع.
 الملخص
في السنوات الأخيرة أصبحت وسائل التعريف الآلية منتشرة في العديد من التطبيقات العملية لتأمين معلومات كافية عن الناس أو السيارات أو المنتجات الصناعية وهي في حالة حركة عادية دون إيقافها. في هذا البحث سيتم بإذن الله شرح تكنولوجيا الرقاقات اللاسلكية وهذه التكنولوجيا تعتمد على تقنية بدأت بالانتشار حديثا تسمى RFID. فما هي هذه التقنية وما هو مبدأ عملها وأشكالها واستخداماتها؟، هذا ما سنحاول هنا مناقشته وتوضيحه.
 تاريخ رقاقات RFID
في العام 1946م قام “ليون ثيرمن” باختراع أداة تجسس لصالح الاتحاد السوفيتي السابق تقوم بإعادة إرسال موجات الراديو المدمجة مع الأمواج الصوتية. يلتقط حجابٌ حاجزٌ الموجات الصوتية ويتذبذب بفعلها مما يؤدي إلى تغيير أو تعديل حالة قارئ الذبذبات والذي بدوره ينظم ذبذبة الإرسال المنعكسة. بالرغم من أن هذه الأداة كانت جهاز تنصت سري سلبي وليس بطاقة تعريف فهي تعتبر المقدمة لاختراع بطاقات التعريف بموجات الراديو RFID. مصادر أخرى تذكر أن تكنولوجيا RFID كانت موجودة منذ العام 1920 علماً بأن مصادر أخرى تحدد أن الستينات كانت البداية الأولى للتّعرف على هذه التكنولوجيا. ويقال أن بريطانيا استخدمت هذه التكنولوجيا في طائراتها في العام 1939م للتفرقة بين العدو والصديق.
حدثٌ آخـر يعتبر أسـاسـاً لبداية تكنولوجيا RFID هو البحث البـارز الـذي قـام “هـاري سـتوكمان” بكتابته في العـام 1948م بعنوان “الإتصال بواسـطة القـوة المنعكسـة” (Communication by Means of Reflected Power)، والذي أقّر فيه أن أبحاثاً وأعمالاً تطويرية يجب أن يتم تنفيذها قبل حل المشاكل الأساسية المتعلقة بالاتصال بواسطة القوة المنعكسة وقبل استكشاف حقل التطبيقات المفيدة في هذا المجال.
و في العام 1973 قامت الولايات المتحدة بتسجيل براءة اختراعٍ للمخترع “ماريو كاردولو” يعتبر السلف الحقيقي الأول لتكنولوجيا RFID، وهو جهاز استقبال وإرسال إذاعي سلبي يحتوي على ذاكرة. الجهاز الأولي كان سلبياً يعمل بواسطة إشارة استجواب وكان يحتوي على جهاز إرسال واستقبال بذاكرة سعتها 16بت الهدف منه حساب الخسائر، وقد قام المخترع بعرضه على سلطة ميناء نيويورك ومستثمرين محتملين في العام 1971م. براءة اختراع كاردولو الأصلية غطت استعمالات موجات الراديو باستخدام الصوت والضوء كوسط ناقل وقد أظهرت خطة العمل الأصلية التي عرضت على المستثمرين في العام 1969م إمكانية استخدام الاختراع في وسائل النقل، الأعمال المصرفية، الأمن والطب.
أول ظهور للقوة المنعكسة كان عبارة عن رقاقات RFID سلبية وشبه سلبية قام كل من “Steven Depp” و“Alfred Koelle” و“Robert Freyman” بصنعها في مختبر Los Alados العلمي في العام 1973م. النظام المتنقل عمل على تردد قدره 915 ميجاهيرتز واستخدم بطاقات بيانات سعتها 12بت. وأول براءة اختراع مرتبطة برقاقات RFID سجلت في الولايات المتحدة الأمريكية باسم “Charles Walton” في العام 1983م
أنواع رقاقات RFID
يمكن تصنيف رقاقات RFID اعتماداً على عوامل عدة، ورغم أننا ذكرنا أن هذه البطاقات لا تعتمد على بطارية كمصدر للطاقة إلاّ أن هذا الشرط لا ينطبق على كل الأنواع. هنالك نوعان رئيسيان من بطاقات RFID هما:
الرقاقات النشطة (Active Tags)
التي تعتمد على بطارية، وجود البطارية يجعل هذه الرقاقة تتواصل حتى 100 متر، بعض هذه الرقاقات مستقل تماماً عن حقل القارئ إذ أنها متكاملة مع وحدة إرسال خاصة مما يجعلها قادرة على التواصل لمسافة عدة كيلومترات باعتماد مبدأ الرادارات[4]. قد يكون القارئ محمولاً بحيث لا يتجاوز وزنه النصف كيلوغرام ومزوداً بذاكرة سعتها أكثر من 128 ميغابايت ومن الممكن أن يتصل بالحاسوب لاسلكياً.
الرقاقات الخاملة (السلبية) (Passive Tags)
التي لا تعتمد على بطارية، عدم وجود مصدر الطاقة المستقل يحد من قدرة الإرسال الخاصة بهذه الرقات إلى عدة أمتار فقط، تتم تغذية هذه الرقاقة كما ذكرنا سابقاً بواسطة طاقة الموجات الكهرومغناطيسية. وتتناقص قدرة مجال القارئ بسرعة مع ازدياد المسافة مما يحدد مجال قراءتها إلى مسافة 4-5 متر باستخدام الترددات العالية جداً 860-930 MHz.
و يوجد شكل سيتم تحميله يبين مكونات الرقاقات الموجبة والسالبة[5].
كل من هذين النوعين يتميز بصفات عن الآخر، والجدول التالي يقارن بينهما:[3]
الرقاقات النشطة
الرقاقات الخاملة
مصدر الطاقة
بطارية
الطاقة الصادرة عن القارئ
توفير الطاقة
دوماً
عند القراءة فقط
التردد
455 GHz,2.45 GHz,5.8 GHz
مختلفة من الترددات المنخفضة إلى المرتفعة UHF
مسافة القراءة
تصل إلى 100 متر
من مترين إلى 5 أمتار
حجم الذاكرة
تصل إلى 128 كيلو بايت
تصل إلى 256 بايت
جاهزية العمل
تكون دوماً في حالة تأهب وتنشط عند وصول الإشارة من القارئ
لا تعمل سوى بحالة القراءة وتكون الاستجابة بطيئة نسبياً
الصيانة الدورية
تحتاج
لا تحتاج
الاستعمال
عادة على صناديق الشحن الكبيرة
عادة على المعلبات والأشياء الصغيرة
السعر
10 – 100 دولار
دولار واحد
 الرقاقات شبه الخاملة (شبه السلبية) (Semi-Passive Tags)
مشابهة للرقاقات النشطة باعتمادها على مصدر طاقة خاص بها، ولكن البطارية موجودة داخل الشريحة ونتيجة لذلك يكون بإمكان الهوائي إرسال واستقبال المعلومات فقط وهذا يجعل هذا النوع أسرع من الرقاقات السلبية، كما أنها تتميز بـ:-
·         أنها حساسة أكثر من الرقاقات السلبية.
·         تدوم البطارية لفترة أطول من الرقاقات النشطة.
·         يمكن أن تؤدي وظائف نشطة (مثل تسجيل درجات الحرارة) باستخدام طاقتها الخاصة حتى بغياب القارئ.
الرقاقات ذات القابلية العالية (Extended Capability)
لهذه الرقاقات قدرات عالية جداً تفوق القدرات الأساسية لرقاقات الـ RFID كلوحة ترخيص أو كبديل لتقنية الترميز العمودي(Bar-code)، تتميز هذه الرقاقات بـ:-
·         قدرتها على إرسال واستقبال البيانات لمسافات عالية جداً.
·         قدرتها على العمل في البيئات الصعبة.
·         قدرة تخزين عالية جداً على البطاقة.
·         قدرتها على التكامل مع المجسات.
·         قدرتها على التواصل مع الأجهزة الخارجية.
·         قدرتها على تحمل تقلبات الطقس.  
المعوقات

اعتبر تعريف الهوية لاسلكيا بطريقة التمييز بين الاشياء والاشخاص بالموجات الراديوية RFID المنبعثة من شارات موضوعة مختلفة والترحيب بها، نوع من الاختراق والابتكار في تقنية التعقب والاستقصاء، الا انها شجبت على نطاق واسع لكونها الاقرب إلى تقنيات المراقبة السرية وأداة للتجسس والاستطلاع على الغيرو لذلك فإن تطبيق تقنية RFID يواجه الكثير من المعوقات، ومن أهمها:
1-التكلفة العالية: يرجع السبب في بطء تطبيق المكتبات أو تحولها نحو تقنية RFID (مثلاً) هو أن تكلفة رقاقات RFID لا تزال مكلفة مقارنة بتكلفة أرقام الترميز العمودي. وحتى ولو أضيفت تكلفة عنصر الشرائط الممغنطة ضمن عناصر مقارنة التكلفة، فإن إجمالي تكلفة المواد لاستخدام تقنية RFID تبلغ من 4-5 أضعاف تطبيق واستخدام كل من الترميز العمودي والشرائط الممغنطة سوياً. ولكن مع هذا التفاوت، إلا أن الزيادة في الكفاءة الوظيفية التي تقدمها تقنية RFID تعتبر عظيمة بما فيه الكفاية لإقناع الأعداد المتزايدة من المكتبات لتنفيذ هذه التقنية، ومن الأمثلة أيضاً أن تكلفة الرقاقة الواحدة في الولايات المتحدة الأمريكية تساوي دولارً واحداً، ولكن هذه التكلفة عالية إذا وضعت هذه الرقاقات على البضائع التي تتلف بسرعة كالحليب مثلاً، وتسعى الشركات المصنعة إلى جعل هذه التكلفة أقل من سنت واحد عندها سيكون بالإمكان استبدال الترميز العمودي برقاقات RFID ليطغى فكر هذه التقنية في جميع أنحاء العالم.
2-عدم توافق رقاقات RFID المصنعة في الشركات المختلفة مع بعضها البعض: يلاحظ أن رقاقات RFID الواردة من مختلف الموردين لا تتوافق مع بعضها البعض، لذلك فإن التغيير من مورد إلى آخر سيتطلب إعادة تركيب رقاقات جديدة ويرجع ذلك إلى عدم توفر معايير ملزمة لهذه الشركات.
3-انتهاك الخصوصية والأخلاقيات:
شعار حملة ضد الرقاقات بواسطة German privacy group FoeBuD
مما لا شك فيه أن تقنية RFID لها العديد من المزايا في المجالات التي تستخدم فيها ولكنها أيضاً تسمح لأشخاص أخرىن بانتهاك خصوصية مستخدمي هذه التقنية، حيث أن رقاقات RFID يسهل قراءتها من أشخاص غير مرخص لهم في حال استخدموا جهاز قارئ RFID. فمثلاً سيكون بإمكان أي شخص يمتلك جهاز قارئ RFID أن يحصل على كل البيانات المخزنة عن الشخص إذا كانت مزروعة فيه مثلاً وبالتالي التعدي على خصوصيته واستخدام هذه البيانات بطرق غير شرعية. إضافة إلى الدخول خلسة إلى الأماكن المحظورة كما يقول بروس شنير أخصائي الامن في شركة (كاونترباين إنترنيت سيكيورتي). ويضيف أنه عندما تكون هذه الشرائح داخل بطاقات الهوية وداخل ثيابك وممتلكاتك، فأنت تقوم فعليا بإذاعة من أنت (هويتك) إلى أي شخص آخر يقع في مدى إرسال هذه الموجات من الشرائح. من هنا فإن مستوى الاستطلاع والمراقبة التي باتت ممكنة، ليس من قبل الحكومات
المصدر