تطور المهنة المكتبية
بداية إرتباط مهام أختصاصي المكتبة بالمكتبة التي يعمل بها. والمكتبات على أنواع عدة، منها المكتبات القومية، والعامة، والمدرسية، والجامعية، والمتخصصة، والخاصة، وكل نوع من هذه المكتبات تقدم خدماتها لفئة معينة من المستفيدين، ولا يستثنى منها سوى المكتبات العامة، فهي مكتبات الشعب وجامعته، فهي تفتح أبوابها أمام الجميع بلا تفرقة بينهم لجنس أو لدين أو لعمر أو لجانب اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي، فهي تهب العلم حرًا لكل من يقصدها، ولذلك فخدماتها تتسع لتشمل كافة الخدمات المكتبية التي تركز عليها الأنواع الأخرى من المكتبات، ولذلك سوف نتتبع تاريخ وتطور اختصاصي المكتبة من خلال هذه النوعية من المكتبات.
وبادئ ذي بدء فقد ارتبطت المهام التي يقوم بها اختصاصيو المكتبة العامة بالخدمات المكتبية العامة، ولذلك أشار الاتحاد الدولي لجمعيات المكتبات والمعلومات( IFLA) إلى أن المقصود من الخدمة المكتبية العامة وظائف المكتبة العامة، أو المحصلة النهائية لهذه الوظائف، وأن المقصود من مصطلح وظائف ما تقوم به المكتبة العامة فعلاً من أعمال وأنشطة تلبية لرغبات المترددين عليها.
ولقد تطورت وظائف اختصاصي المكتبة على مر العصور مع تطور المكتبات وخدماتها، ففي العصور القديمة كانت المكتبات جزءًا من دور العبادة، مثلها في ذلك كالمدارس والمستشفيات، ولقد تمثلت طبقة العلماء في الكهنة ورجال الدين، وكان هؤلاء يحتفظون بإنتاجهم الفكري من كتب وأبحاث ودراسات في المعابد التي يعملون بها، وقاموا بتدوين هذا الإنتاج بكتابات لا يستطيع أفراد الشعب قراءتها، ومن ثم لا يستطيع أحدهم معرفة أسرارهم العلمية فينافسهم الزعامة والسيطرة على الناس، ففي مصر القديمة- على سبيل المثال- كانت الكتابة الهيروغليفية أولى الكتابات التي ابتكرها كهنة مصر العلماء ودونوا بها كتاباتهم المختلفة، وبالمثل كانت حضارات الصين والهند وبلاد الرافدين، وفي هذه الأثناء لم يتم تعيين مسؤول للمكتبة، فقد كان هؤلاء العلماء يحتفظون بإنتاجهم الفكري بالمعابد بالصورة التي تتراءى لهم، ولكل منهم مكان خاص، ومع تزايد الإنتاج الفكري بدأ يتطوع أحدهم بتنظيم مقتنيات المكتبة بصورة معينة من أجل المحافظة عليها من التلف أو الفقد، وفي نفس الوقت لم تكن المكتبة مفتوحة أمام عامة الشعب، بل اقتصرت خدماتها على فئة العلماء فقط.
وبعد أن كانت هذه الوظيفة بالتطوع أصبحت بالتعيين، ولقد كان التركيز في البداية على اختيار أمين المكتبة من العلماء أو المفكرين أو الأدباء أو المحبين للكتب والقراءة، ففي مكتبة الإسكندرية القديمة وقع الاختيار على( كاليماخوس) الذي كان يعمل معلمًا إلى جانب شهرته في مجال الشعر والأدب، وعندما تولى العمل في إدارة مكتبة الإسكندرية وجد أن مقتنيات المكتبة في نمو متزايد، نتيجة حرص الملوك البطالمة على جمع التراث اليوناني والبشري من كل مكان بهذه المكتبة، حتى إن السفن التي كانت تأتي إلى ميناء الإسكندرية كان يتم تفتيشها وتفتيش من عليها بحثًا عن الكتب لتزويد المكتبة لها، لذلك فكر (كاليماخوس) في عمل سجل يضم كافة هذه المقتنيات، ووصف كل كتاب بعنوانه واسم مؤلفه وموضوعه وفقرات من بدايته ونهايته، وذلك من أجل حصر المقتنيات، وتسهيل تعرف العلماء وصغار العلماء من طلبة العلم المترددين على المكتبة على مقتنياتها. وعندما مات (كاليماخوس) ولم يكن قد انتهى من هذا العمل استكمله تلاميذه (أبولونيوس) و(أرستاخوس).
ولقد استمرت الفئة المسيطرة على إدارة المكتبات من العلماء والأدباء ومحبي القراءة نظرًا لارتباطهم كثيرًا بالمكتبات من أجل القراءة والاطلاع وإعداد الأبحاث والدراسات المختلفة، إلى جانب تشجيع الحكام لهم على مواصلة البحث العلمي. ففي العصر الإسلامي ظهرت الكثير من المكتبات العامة، وكان من أبرزها "بيت الحكمة" في بغداد التي أقامها الخليفة المأمون، وبيت الحكمة في القاهرة التي أقامها الحاكم بأمر الله. ولقد حرص الخلفاء على جمع تراث الإنسانية بمكتباتهم، كما شجعوا الترجمة من اللغات المختلفة إلى اللغة العربية، حتى إن المأمون كان يمنح كل من يقوم بترجمة أي كتاب إلى اللغة العربية وزن ورقة ذهبًا.
هذا، ولقد استمرت وظيفة المكتبي الأساسية تقوم على الجمع والحفظ، أي جمع مقتنيات المكتبة وحفظها، حتى إن المكتبات الفرنسية- على سبيل المثال- كانت تربط الكتب بالسلاسل خلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين تأكيدًا للمحافظة عليها من أية أخطار تهددها، بخاصة تعرضها للسرقة، وكان من يريد القراءة يأخذ الكتاب بسلاسله ويقرؤه ثم يعيده للخزانة كما هو. وحرص أمين المكتبة في هذه الفترة على أن تكون الكتب بعيدة (قدر المستطاع) عن أيدي الناس، حتى يتمكن فيما بعد من تسليمها عهدة لمن يأتي بعده من أمناء المكتبة، دون أن تكون الكتب قد مزقت، أو أصابها التلف من كثرة الاستخدام، أو فقدت بسبب السرقة. ولقد كان أمين المكتبة معذورًا في ذلك، حيث كانت الكتب غالية الثمن وصعبة المنال، ولا يمكن تعويضها، وكانت المكتبة لا يوجد بها سوى نسخة واحدة من كل كتاب، وكانت عبارة عن مخطوطات يتم نسخها باليد، فلم تكن الطباعة قد اخترعت بعد
ولقد تطورت وظائف اختصاصي المكتبة على مر العصور مع تطور المكتبات وخدماتها، ففي العصور القديمة كانت المكتبات جزءًا من دور العبادة، مثلها في ذلك كالمدارس والمستشفيات، ولقد تمثلت طبقة العلماء في الكهنة ورجال الدين، وكان هؤلاء يحتفظون بإنتاجهم الفكري من كتب وأبحاث ودراسات في المعابد التي يعملون بها، وقاموا بتدوين هذا الإنتاج بكتابات لا يستطيع أفراد الشعب قراءتها، ومن ثم لا يستطيع أحدهم معرفة أسرارهم العلمية فينافسهم الزعامة والسيطرة على الناس، ففي مصر القديمة- على سبيل المثال- كانت الكتابة الهيروغليفية أولى الكتابات التي ابتكرها كهنة مصر العلماء ودونوا بها كتاباتهم المختلفة، وبالمثل كانت حضارات الصين والهند وبلاد الرافدين، وفي هذه الأثناء لم يتم تعيين مسؤول للمكتبة، فقد كان هؤلاء العلماء يحتفظون بإنتاجهم الفكري بالمعابد بالصورة التي تتراءى لهم، ولكل منهم مكان خاص، ومع تزايد الإنتاج الفكري بدأ يتطوع أحدهم بتنظيم مقتنيات المكتبة بصورة معينة من أجل المحافظة عليها من التلف أو الفقد، وفي نفس الوقت لم تكن المكتبة مفتوحة أمام عامة الشعب، بل اقتصرت خدماتها على فئة العلماء فقط.
وبعد أن كانت هذه الوظيفة بالتطوع أصبحت بالتعيين، ولقد كان التركيز في البداية على اختيار أمين المكتبة من العلماء أو المفكرين أو الأدباء أو المحبين للكتب والقراءة، ففي مكتبة الإسكندرية القديمة وقع الاختيار على( كاليماخوس) الذي كان يعمل معلمًا إلى جانب شهرته في مجال الشعر والأدب، وعندما تولى العمل في إدارة مكتبة الإسكندرية وجد أن مقتنيات المكتبة في نمو متزايد، نتيجة حرص الملوك البطالمة على جمع التراث اليوناني والبشري من كل مكان بهذه المكتبة، حتى إن السفن التي كانت تأتي إلى ميناء الإسكندرية كان يتم تفتيشها وتفتيش من عليها بحثًا عن الكتب لتزويد المكتبة لها، لذلك فكر (كاليماخوس) في عمل سجل يضم كافة هذه المقتنيات، ووصف كل كتاب بعنوانه واسم مؤلفه وموضوعه وفقرات من بدايته ونهايته، وذلك من أجل حصر المقتنيات، وتسهيل تعرف العلماء وصغار العلماء من طلبة العلم المترددين على المكتبة على مقتنياتها. وعندما مات (كاليماخوس) ولم يكن قد انتهى من هذا العمل استكمله تلاميذه (أبولونيوس) و(أرستاخوس).
ولقد استمرت الفئة المسيطرة على إدارة المكتبات من العلماء والأدباء ومحبي القراءة نظرًا لارتباطهم كثيرًا بالمكتبات من أجل القراءة والاطلاع وإعداد الأبحاث والدراسات المختلفة، إلى جانب تشجيع الحكام لهم على مواصلة البحث العلمي. ففي العصر الإسلامي ظهرت الكثير من المكتبات العامة، وكان من أبرزها "بيت الحكمة" في بغداد التي أقامها الخليفة المأمون، وبيت الحكمة في القاهرة التي أقامها الحاكم بأمر الله. ولقد حرص الخلفاء على جمع تراث الإنسانية بمكتباتهم، كما شجعوا الترجمة من اللغات المختلفة إلى اللغة العربية، حتى إن المأمون كان يمنح كل من يقوم بترجمة أي كتاب إلى اللغة العربية وزن ورقة ذهبًا.
هذا، ولقد استمرت وظيفة المكتبي الأساسية تقوم على الجمع والحفظ، أي جمع مقتنيات المكتبة وحفظها، حتى إن المكتبات الفرنسية- على سبيل المثال- كانت تربط الكتب بالسلاسل خلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين تأكيدًا للمحافظة عليها من أية أخطار تهددها، بخاصة تعرضها للسرقة، وكان من يريد القراءة يأخذ الكتاب بسلاسله ويقرؤه ثم يعيده للخزانة كما هو. وحرص أمين المكتبة في هذه الفترة على أن تكون الكتب بعيدة (قدر المستطاع) عن أيدي الناس، حتى يتمكن فيما بعد من تسليمها عهدة لمن يأتي بعده من أمناء المكتبة، دون أن تكون الكتب قد مزقت، أو أصابها التلف من كثرة الاستخدام، أو فقدت بسبب السرقة. ولقد كان أمين المكتبة معذورًا في ذلك، حيث كانت الكتب غالية الثمن وصعبة المنال، ولا يمكن تعويضها، وكانت المكتبة لا يوجد بها سوى نسخة واحدة من كل كتاب، وكانت عبارة عن مخطوطات يتم نسخها باليد، فلم تكن الطباعة قد اخترعت بعد
ومع تركيز أمناء المكتبات في هذه الفترة على المحافظة على الكتب وتقديمها على حذر للمستفيدين، كان لا يهتم الكثير منهم بتنظيم مقتنيات مكتباتهم لتسهيل الاستفادة منها، ومن كان ينظم مكتبته فإنه كان ينظمها بطريقته الخاصة، نظرًا لعدم وجود قواعد وأسس لتنظيم المكتبات آنذاك، وفي نفس الوقت كان أمين المكتبة لا يحرص على بذل أي جهد لتشجيع الناس على استخدام الكتب والقراءة، بل كان يضع العراقيل أمامهم، حتى إن بعض المكتبات الأوروبية جعلت ارتياد المكتبة في أيام معينة، ومنها من اشترطت ألا يقل سن المستفيد عن 21 عامًا، وأن يكون الغرض من ارتياد المكتبة هو الاطلاع فقط، مع عدم جواز القراءة بغرض اجتياز امتحان معين! ولذلك كانت الخدمة المكتبية العامة في هذه الفترة وقفًا على المفكرين فقط، والذين لديهم معرفة بالكتب، أي الذين يستطيعون تحديد ما يرغبون في قراءته دون مساعدة كبيرة من أمين المكتبة.
ومع بداية عصر النهضة في أوروبا بدأ أول نداء للاهتمام بالمكتبات العامة على يد «مارثن لوثر»، الذي اعتبرها ضرورية للتعليم، نظرًا لزيادة أعداد المدارس وزيادة الاهتمام بمحو الأمية، وظهور حركات الإصلاح المختلفة، ونداءات الحرية والتقدم والنهضة الثقافية والفكرية. وبذلك تغيرت وظيفة أمين المكتبة من مجرد جمع وحفظ مواد المكتبية، إلى تشجيع استخدامها بلا قيود أو عقبات. ولذلك ابتكر المكتبيون عمليات فنية مساعدة للمستفيدين على استخدام المواد المكتبية وتشجيعهم على ارتيادها، وإرشادهم إلى المواد المناسبة لهم، ومن ثم تحول أمين المكتبة من مجرد حارس لها إلى مشجع للتردد على المكتبة والاستفادة منها.
التكوين الأكاديمي في المهنة المكتبية
ومع تطور المكتبات العامة، وتعدد وظائف العاملين بها، استلزم الأمر تغيير طريقة اختيار العاملين بالمكتبات، فلم يعد العالم أو المفكر أو المحب للقراءة قادرًا على استيعاب متطلبات المستفيدين، وتنظيم المكتبة بطريقة مناسبة لتسهيل استخدام موادها. ولذلك بدأت مرحلة تأهيل العاملين بالمكتبات وتخريج أجيال جديدة من مدارس وأقسام وكليات ركزت دراساتها على المكتبات وطريقة تنظيمها وخدماتها، وفي نفس الوقت نشطت أبحاث المكتبات والقراءة وخدمات المستفيدين، ومواكبة التطورات التكنولوجية الحديثة.
لقد كانت بداية الدعوة لإنشاء معاهد متخصصة في المكتبات في «ميونخ» بألمانيا سنة 1829م لتوفير العناصر المناسبة لتقديم الخدمات المكتبية المناسبة، وبدأ أساتذة الجامعات في هذه الفترة في الاهتمام بالمهنة الوليدة، حيث تم تكثيف الدعوة لتدريب المكتبيين في ألمانيا منذ عام 1887م، بخاصة بعد أن وضع أمين مكتبة إحدى الجامعات الألمانية برنامجًا دراسيًا جامعيًا لمدة ثلاث سنوات في علم المكتبات عام 1874م، كما قامت جامعة جوتنجن بإنشاء كرسي للأستاذية في علم المكتبات عام 1886م. وفي الولايات المتحدة كان قد نجح رجال المكتبات الأوائل في إنشاء الجمعية الأمريكية للمكتبات «ALA» عام 1876م والتي تعد أقدم مؤسسة مهنية في تخصص المكتبات على مستوى العالم، ثم جاء عام 1887م ليتوج هذه الجهود بظهور أول دراسة رسمية لتدريس المكتبات بجامعة كولومبيا بنيويورك بفضل جهود «ملفيل ديوي» عالم المكتبات الشهير، صاحب أشهر تصنيف لأوعية المكتبات التي عرف باسمه (تصنيف ديوي العشري)، والذي قال يوم افتتاح الدراسة الرسمية للمكتبات: «جاء الوقت أخيرًا لنقول بأن المكتبي يحتل مهنة».
وبعد أن كانت المكتبات تقتصر خدماتها على الكبار جاء عام 1890م ببدء أمناء المكتبات في فتح مكتباتهم أمام الأطفال بجانب الكبار، واهتموا بتزويد مكتباتهم بالمواد المناسبة لهم، حتى أصبحت في أوائل القرن العشرين الكتب التي تعار للأطفال في الكثير من المكتبات تمثل ثلث مجموع الكتب التي تعار للكبار! وبعد أن كانت كتب الأطفال تمثل رفًا بين كتب الكبار، أصبحت تمثل ركنًا بالمكتبة أو قسمًا خاصًا بهم، بل منفصلاً في الكثير من الأحيان، ليضم بجانب المواد المكتبية وسائل الترفيه المختلفة من ألعاب ورسم وموسيقى. ومن ثم يصبح للأطفال مطلق الحرية في قسمهم الخاص، ولا يعترض عليهم الكبار لارتفاع أصواتهم أو كثرة حركاتهم، كما تم اختيار من يعمل بهذا القسم إلى جانب تخصصه في المكتبات أن يكون متخصصًا في كيفية التعامل مع الأطفال، وعلم نفس الطفولة.
وإذا انتقلنا إلى العالم العربي نجد أن البداية الأولى لتأهيل العاملين بالمكتبات كانت من مصر، ففي منتصف القرن العشرين تم إنشاء معهد الوثائق والمكتبات بجامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليًا)، والذي تحول إلى قسم المكتبات بكلية الآداب بعد ذلك، ثم أنشئت العديد من أقسام المكتبات في جامعات مصر المختلفة، وبذلك أصبح خريجو هذه الأقسام قادرين ومؤهلين لتنظيم وإدارة المكتبات وتقديم الخدمات المكتبية بصورة مناسبة، ثم أخذت الجامعات العربية في إنشاء أقسام دراسات المكتبات منذ أواخر سبعينيات القرن العشرين، حتى أصبحت دراسة المكتبات واحدة من أبرز الدراسات بمعظم الدول العربية.
وفي الحلقة الدراسية التي عقدت ببيروت عام 1959م تحددت وظائف المكتبات العامة، وتطورت بناء عليها وظيفة أمين المكتبة من تنظيم المواد المكتبية وإرشاد القراء إليها، إلى الكثير من الوظائف، كالمساهمة في حملات محو الأمية وتعليم الأطفال والكبار، وكذلك تقديم الخدمات المرجعية المختلفة، واستخدام المواد السمعية والبصرية في مساعدة الأميين، وعدم اقتصار مقتنيات المكتبات على الكتب، وتنويعها لتشمل أشكال المواد المكتبية الأخرى. كما بدأت مدارس وأقسام المكتبات في العالم في تدريب خريجيها على القيام بهذه الوظائف المختلفة، حتى يصبحوا على دراية كافية بهذه الوظائف والخدمات.
وجاء عام 1971م ليعلن بدء تقديم الخدمات المكتبية للفئات الخاصة من فاقدي السمع أو البصر والمرضى ونزلاء السجون والمستشفيات وسكان المناطق النائية، وذلك تحقيقًا للمساواة بين الجميع. فالمعرفة والقراءة حق للجميع. ولذلك بدأت المكتبات في اقتناء المواد المكتبية الخاصة بالفئات الخاصة مثل الكتب الناطقة، والكتب المكتوبة بطريقة (برايل). كما تم توفير العاملين المؤهلين للتعامل مع هذه الفئات، وتقديم الخدمات المكتبية لهم، وبدأت المكتبات المتنقلة والمحمولة تصل بالخدمات المكتبية للمناطق النائية، إلى جانب إقامة المكتبات بالمستشفيات والسجون لتوفير خدمات القراءة والاطلاع للنزلاء، مع التركيز على المواد التي ترفع من معنوياتهم، وتحثهم على القيم والأخلاق النبيلة، والمشاركة في بناء وإصلاح المجتمع.
وفي العام التالي ظهر إعلان اليونسكو للمكتبات العامة الذي حدد معالمها المختلفة، والتي منها دور العاملين بها. ثم جاء عام 1973م بمعايير المكتبات العامة التي وضعها الاتحاد الدولي لجمعيات المكتبات «IFLA»، والتي حددت المهام المختلفة لأمين المكتبة، وعدلت بعد ذلك عام 1977م بإدخال الكثير من التعديلات عليها. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل ظهرت عدة تعليمات وخطوط إرشادية حول المكتبات العامة ووظائف العاملين بها عام 1986م، وذلك لمواكبة التطورات التي تطرأ على تقنيات المعلومات والمكتبات، كظهور الحاسب الآلي واستخدامه بالمكتبات.
كما تعد هذه الخطوط الإرشادية بديلاً عن المعايير التي وجد من الصعب تطبيقها في كل مكان، نظرًا لاختلاف إمكانيات المكتبات من دولة إلى أخرى.
ومع ظهور شبكة الإنترنت واستخدامها بالمكتبات، طرأت تطورات عديدة على المكتبات العامة، حيث تعددت أقسامها، وكثر العاملون بها، وتم تقسيم العمل بينهم. كما ظهرت العديد من الوظائف الجديدة، كاختصاصي المعلومات، واختصاصي الموضوعات، واختصاصي قسم الأطفال، إلى غير ذلك من الوظائف والمهام المكتبية.
وبذلك بدأ يختفي أمين المكتبة الشامل الذي يقوم بجميع المهام المكتبية في معظم المكتبات العامة، بخاصة الكبيرة منها، وبدأ يظهر اختصاصي التزويد، واختصاصي الإعداد الفني للمواد المكتبية، واختصاصي خدمات الإعارة والاطلاع الداخلي، واختصاصي قسم الأطفال، واختصاصي قسم الشباب، واختصاصي الفئات الخاصة، واختصاصي قسم الأوعية غير المطبوعة، واختصاصي المعلومات والإنترنت، والاختصاصي الموضوعي.
http://alyaseer.net/vb/showthread.php?t=23348
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق