الأربعاء، 14 أكتوبر 2015

نبذة مختصرة عن تاريخ المكتبات فى مصر القديمة

المكتبات هى نوافذ الشعوب على العلم والثقافة والفكر، ومن المأثور القول المعروف " إذا أردت أن تعرف ما بعقل أمه فأنظر إلى مكتباتها "

وهذا يشير إلى أهمية المكتبات بأنواعها المختلفة كمنارات فكرية ترحب بالمستفيدين منها فى أى مكان أو أى زمان ، وتقدم لهم خدمات مجانية توسع مداركهم ومعلوماتهم.
وسوف اتناول نبذة مختصرة عن تاريخ المكتبات فى مصر القديمه:-
يعتقد البعض أن فكرة المكتبة فكرة وليدة القرن التاسع عشر شأنها شأن معظم الأفكار الحضارية التي عرفها العالم بعد انطلاق الثورة الفرنسية .. لكنهم جانبوا الصواب كثيراً في هذا الاعتقاد .. ارتبط تاريخ المكتبات بالشرق القديم الذي قامت فيه عدد من الحضارات وما زال العالم يهتم بتشييد المكتبات حتى وقتنا الحاضر.

الإنتاج الفكرى لدى المصريين القدماء كان متنوع ومتعدد الألوان ، يمكن حصره فى:
1- قوائم الطعام والملابس التى يوصى بها للموتى.
2- نصوص الصلوات مع ترجمة ذاتية لسيرة الميت والتى عرفت ب"تعاليم الحكمة"والتى تضمنت بعض المواعظ والإرشادات والتحذيرات.
3- شكاوى الفلاح الفصيح والتى كان يرجو فيها العدل ورفع الظلم.
4- الأغانى الشعبية "أغانى الميناء" التى ترسم صور الحياة الآخرة وما فيها.
5- النثر والشعر والخطابة.
6- المراسلات مع البلاد والدول المجاورة.
7- الفلك، الطب، والتقاويم، والسحر، والزراعة.
8- أهم لون من ألوان الإنتاج الفكرى هو "كتاب الموتى" وهو عبارة عن عدة فصول (حوالى 192 فصل) يتناول كل فصل موضوعاً معيناً ، وتدور كلها حول كيفية الصلوات والدعوات والتوبة والعبارات والجمل التى ينبغى أن يقولها فى الحياة الأبدية......الخ
طالما تنوعت وتعددت ألوان الإنتاج الفكرى لدى المصريين القدماء ؛فلابد من وجود مكتبات تحفظ هذا الإنتاج وإن اختلفت المسميات التى اطلقت على تلك المكتبات ، ومن هذه المسميات :
- دار اللفافات البردية .
- دار لفافات الكتب.
- بيت البرديات....الخ.
ومن الملاحظ أن هذه المسميات مأخوذة من أسماء المواد المستعملة فى الكتابة والتدوين أو حتى أشكالها، ومن أمثلة المكتبات المصرية القديمة:
* مكتبة معبد إدفو "بيت البرديات":
وقد نقش إسم المكتبة على المدخل وكذلك فهرس المكتبة الذى حمل عنوان " قائمة بخزنات الكتب المصنوعة من اللفافات " وقد إشتمل هذا الفهرس على سجلين أحدهما احتوى على 12 رأس موضوع والآخر احتوى على 22 رأس موضوع ، ويبدوا أن كل رأس كان يعبر عن مجموعة من المدونات والمخطوطات التى جمعت فى خزانة واحدة.
* مكتبة رمسيس الثانى :
ابن سيتى الأول ابن رمسيس الأول ، وقد أطلق على هذه المكتبة إسم " جامعة المكتبة " على إعتبار أنها كانت ملحقة بالمدرسة العليا " الأكاديمية " التى أنشأنها سيتى الأول لتدريس علوم اللغة ، الرياضيات ، الفلك والقانون ....الخ ، وهى المدرسة التى كانت تخرج الكتاب وقد بلغ مجموع ما بها من مقتنيات حوالى عشرين ألف كتاب.
* مكتبة الأسكندرية القديمة:
تعد مكتبة الإسكندرية القديمة أشهر مكتبات العالم القديم التى تم إنشاؤها فى عصر البطالمة ،فلم تكن أكبر المكتبات فى ذلك الوقت فحسب ، بل إنها اقترنت بالأبحاث العلمية أيضاً وتردد عليها العلماء من جميع أنحاء العالم ، وحتى بعد اندثار المكتبة منذ أكثر من 1600 عام فقد ظلت مكتبة الإسكندرية راسخة فى أذهان العلماء والمسئولين حتى يومنا هذا)*


* ياسر رجب على سليمان. المدخل التاريخى للكتب والمكتبات .- ط1 .- المنيا :دار البهاء،2006.

الثلاثاء، 1 سبتمبر 2015

تاريخ المكتبات عند المسلمين خزانة الخلفاء العباسين ببغداد (بيت الحكمة) نموذجا

تاريخ المكتبات في الإسلام يرتبط ارتباطاً وثيقا بالتاريخ العربي الإسلامي، فالمعروف إن العرب قبل الإسلام عاشوا في الجزيرة العربية الإسلامية أحقاباً طويلة وهم في شبه عزلة عن العالم رغم اتصالاتهم المحدودة مع الروم والفرس والأحباش عن طريق التجارة ، وبشكل عام كانت حياتهم بدوية متنقلة أما علومهم فكانت تتناسب ومتطلبات حياتهم . ولم يهتم العرب قبل الإسلام بالتدوين ، فقد اعتمدوا على الذاكرة في حفظ ونقل إنتاجهم الفكري ، وبالتالي لم يكن عند العرب قبل الإسلام سجلات مكتوبة ، بحيث لا يمكن الحديث عن شيء اسمه " مكتبة " ويمكن إن يعزى ذلك إلى الأمية وعدم توافر مواد للكتابة .بالرغم من ذلك فان قسماً منهم عرف الكتابة وكتب على عظام الحيوانات وسعف النخيل والحجارة إلا أنه لم يصلنا شيء من ذلك . (1)
لقد كان القرآن الكريم ولا يزال فتحا جديد في تاريخ المعرفة الإنسانية ، فهو قد رفع العلم والعلماء إلى أسمى منزلة ، وأقسم الله في محكم آياته بالكتاب وبالقلم وما يسطرون ، كما حض القرآن على القراءة والتعليم في أول سورة نزلت على الرسول الأمين محمد بن عبد الله(ص). ومن هنا فليس بغريب أن توصف الحضارة العربية الإسلامية بأنها كتب ومكتبات . وإذا كان المصحف الشريف هو أول كتاب ظهر في لغة العرب ، فقد بدأت حركة التأليف منذ منتصف القرن الأول الهجري ، وشهد القرن الثاني ظهور الكتب وحركة تدوين التراث والتاريخ ، متأثرة في ذلك بطريقة كتابة الحديث ، أي القرنان الهجريان الثالث والرابع رأينا ازدهار حركة التأليف خصوصاً بعد إقامة صناعة الورق في بغداد ، ونظرا لحب المسلمين الأوائل للكتب والقراءة والعلم ، وكنتيجة لاتصالهم بالثقافات الأجنبية التي وجدوها في البلاد التي فتحوها ، انتشرت عندهم أنواع عدة من المكتبات. (2)
ولقد اهتم الخلفاء بتأسيس المكتبات العامة وجمعوا فيها الكتب العربية والفارسية والمترجمة عن اليونانية والفارسية ، كما أنشوا المكتبات في المدارس والمساجد ، ولم يكن هذا غريبًا لأن الإسلام حض على العلم ، واستخدم العقل في أمور الحياة فقال تعالى : " هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ". وقد زاد من هذه النهضة العلمية والثقافية استخدام الورق في الكتابة وأعطوا الحبر ألوانا مختلفة وزخرفوا وجوه الكتب وذهبوها . ونشطت حركة التدوين والتأليف نشاطا لم يعهده التاريخ إلا في العصر الحاضر . ونظرا لاهتمام المسلمين بالقرآن الكريم وتدوينه وضعوا النقط والشكل للحروف منعاً للحن في القرآن ووضعوا قواعد اللغة ، فقد قام أبو الأسود الدؤلي بوضع النقاط على الحروف، نقطة فوق الحرف للفتحة ، ونقطة تحته للكسرة ، ونقطة على خط استواء الكتابة للضمة ، ونقطتان أمام يدي الحرف على خط استواء الكتابة للتنوين واهمل السكون ، ثم جاء نصر بن عاصم الليثي ونقط الحروف فجعل للباء نقط والثاء نقطتين والجيم نقطة في بطنها ثم وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي الشكل فوضع الضمة والفتحة والكسرة والتنوين وحل أشكال النطق . (3)
وبازدهار حركة التأليف والترجمة وخاصة في بغداد عاصمة العباسين ظهر الاهتمام بالكتاب وازدهرت هذه المكتبات تبعاً لتزايد أعداد الكتب وشغف الناس الشديد بالقراءة . وكان من الطبيعي أن تؤدي هذه النهضة العلمية إلى جمع الكتب والمؤلفات وتكوين المكتبات الخاصة ببعض الأفراد وقد كانت في مجموعها صغيرة، ولكن مكتبات الخلفاء وكبار رجال الدولة ما لبثت أن تحولت إلى مكتبات عامة لخدمة طوائف معينة من القراءة . ولقد أوصى بها أصحابها أن تحفظ في المساجد والمدارس حفظا دقيقاً . وكذلك فإن أساتذة معاهد العلم أهدوا مؤلفاتهم ومكتباتهم الخاصة إلى معاهدهم التي كانوا يدرسون فيها . (4)
إن تاريخ المكتبات جزء لا يتجزأ من تاريخ الحضارة العربية الإسلامية والفكر الإسلامي : ارتقت بارتقائه وساعدت على ازدهاره ونضجت معه وانحطت بانحطاطه . ولاغرو ر في ذلك فالإسلام العظيم دعا إلى المعرفة والى التعلم والى إنارة العقول بالقراءة والكتابة ، وان أول ما أوحى به الله سبحانه وتعالى إلى عبده ورسوله " اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم .
إن تاريخ الكتب عند المسلمين مهم جدا وأساسي لمعرفة تطور المعرفة الإنسانية عندهم ، ذلك أنه لم تتفوق على المسلمين أمة من الأمم في حبهم للكتب والعناية بالمكتبات والمعرفة عامة . والمكتبات من أهم وسائل نشر المعرفة على مدى العصور وقد انتشرت المكتبات في الإسلام انتشارا واسعاً ، وهي وان كانت ثمرة من ثمار الحضارة العربية الإسلامية إلا أنها تعكس في تاريخها هذه الحضارة التي كانت هي نفسها ثمرتها وأن الأطوار التي مرت بها هي أطوار الحضارة الإسلامية بشكل عام . هذا ويعد العصر العباسي عصر الإبداع في الحضارة الإسلامية وفيه نضجت الحضارة الإسلامية وأينعت وآتت أكلها وزخرت البلاد الإسلامية بالعلماء والتلاميذ والعاهد والمدارس . وكان للمكتبات من ذلك نصيب موفور إذ تبارى الخلفاء والأمراء والأفراد والوزراء والحكام والسراة في العناية بالمكتبات وفي تشجيعها ، ونجد في هذا العصر جميع أنواع المكتبات . (5)

أسباب ظهور المكتبات الإسلامية
ان الاسباب الرئيسية لظهور المكتبات الإسلامية وازدهارها وتطورها خاصة في العصر العباسي هي:
1.     ازدهار حركة التأليف والترجمة .
2.     تشجيع الخلفاء والحكام المسلمين للعلم والعلماء .
3.     انتشار صناعة الورق في بغداد والبلا د الأخرى .
4.     ظهور حركة الوراقين وهم أصحاب الحوانيت أو الدكاكين التي كانت تنسخ وتبيع وتؤجر الكتب.

ويمكن القول إن معظم أنواع المكتبات التي نعرفها اليوم قد عرفتها الحضارة العربية الإسلامية وخاصة في العصر العباسي ، عصر الإبداع والنضج في الحضارة العربية الإسلامية . (6)
هذا وقد كانت المكتبات الإسلامية منظمة تنظيماً علمياً وتخدم جمهور المطالعين بكفاءة ويسر ، فتاريخ المكتبات يكون جانباً مهما في تاريخ علوم المكتبات .

أنواع المكتبات في الحضارة العربية الإسلامية
عرفت الحضارة العربية الإسلامية أنواع عدة من المكتبات وهي :
1. المكتبات الأكاديمية
2. المكتبات الخاصة
3. المكتبات الخلافية
4. المكتبات العامة
5. المكتبات المدرسية
6. مكتبات المساجد أو الجوامع (7)

نبذة بإيجاز عن أنواع المكتبات في الحضارة العربية الإسلامية
1 – المكتبات الأكاديمية : وهذه المكتبات من أشهر المكتبات في الحضارة العربية الإسلامية وقد وجه الإسلام جل عنايته إلى طلب العلم وجعل القرآن الكريم الأشخاص غير المتعلمين في عداد الأموات . ومن أشهر المكتبات الأكاديمية ، مكتبة بيت الحكمة ، ومكتبة مراغة التي أسسها المغول في أذربيجان .
2 – المكتبات الخاصة : انتشر هذا النوع من المكتبات في جميع أنحاء العالم الإسلامي بشكل واسع وجيد بحيث يمكن القول بان هذا النوع من المكتبات قد فاق في بعض الأحيان على غيره من الأنواع الأخرى. ومن أمثلتها مكتبة سعد بن عبادة الأنصاري التي حوت فيها كتبا طائفة من أحاديث الرسول (ص) . ومكتبة الصاحب بن عبادة التي بلغت عشرات المجلدات ، ومكتبة المستنصر الأموي.
3 _ المكتبات الخلافية : هي نوع من المكتبات انتشر على امتداد العالم الإسلامي من المشرق إلى المغرب وهذه المكتبات كان ينشئها الخلفاء والأمراء والحكام من أجل أنفسهم ، وقد جعلوها حلقات للمناظرة والسمر والمحاضرات والعلوم المختلفة ، كما كانت من أجل نشر مذهب يعتنقه الحكام والأمراء . ومن أمثلتها : المكتبة التي أسسها السامانيون في بلاد خراسان ، خزانة الكتب في العصر الفاطمي ، مكتبة الحكم الثاني ا بن الناصر لدين الله عبد الرحمن الثالث .
4 _ المكتبات العامة : هي مؤسسات ثقافية يحفظ فيها تراث الإنسانية الثقافي وخبراتها ليكون في متناول المواطنين من كافة الطبقات والأجناس والأعمار والمهن والثقافات . ومن أمثلتها : مكتبة بني عمار في طرابلس الشام وكان لهم وكلاء يجوبون العالم الإسلامي بحثا عن الروائع لضمها إلى المكتبة ، وكان بها خمسة وثمانون ناسخا يشتغلون بها ليلا نهارا في نسخ الكتب. (8)
5 _ المكتبات المدرسية : أولت الحضارة العربية الإسلامية اهتمامها بإنشاء المدارس من أجل تعليم الناس جميعاً وبها الحقت المكتبات وهو الشيء الطبيعي المكمل لهذا الرقي والازدهار . وتقول النصوص التاريخية أن أول من أسس مدرسة في الإسلام هو نظام الملك وزير السلاجقة في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري ، ومن المكتبات أيضاً مكتبة ابن جبيرة ،ومكتبة مدرسة الفاخرية في بغداد . (9)
6 _ مكتبات المساجد والجوامع : إن المكتبات في الإسلام قد نشأت مع نشأة المساجد ، حيث يعتبر المسجد من مظاهر الحضارة وعناصرها في الإسلامية لأهميته الكبيرة في الحياة الدينية والسياسية والفكرية ، ومن أمثلتها : مكتبة جامع الأزهر ، كذلك مكتبة الجامع الكبير في القيروان (10)

وإذا كانت مكتبات المساجد تقوم بوظيفة المكتبات المدرسية والجامعية خلال القرون الأولى من تاريخ الإسلام ، فقد زودت المدرسة المستنصرية النظامية في بغداد ، في منتصف القرن الخامس الهجري بمكتبة ضخمة كان فهرسها كما يقال يضم ستة الآف مجلد ، واشتهرت بعض هذه المدارس على مدارس أخرى كالمستنصرية التي اصبحت جامعة تحمل اسم المستنصر العباسي فيما بعد . (11)
قال القلقشندى :" إن أعظم خزائن الكتب في الإسلام ثلاث :
·        خزانة الخلفاء العباسين ببغداد (بيت الحكمة)
·        خزانة الخلفاء الفاطميين بمصر
·        وخزانة بني أمية في الأندلس 

خزانة الخلفاء العباسين ببغداد (بيت الحكمة)
اولا :المؤسسون لبيت الحكمة
يعد بيت الحكمة أعظم المكتبات العربية شأناً واقدمها زمناناً ، وأول من فكر بإنشاء هذا البيت أبو جعفر المنصور ، فقد خصص مبنى مستقلة جمع فيها نفائس الكتب ونوادرها من المؤلفات العربية والمترجمة عن اللغات المختلفة .(12)
ولما لما جاء الخليفة هارون الرشيد وكان من أعظم خلفاء بني العباس وأكثرهم ذكرا في التاريخ فقد أصبحت بغداد في عهده كعبة العلم والأدب ، فاتجه إلى إخراج الكتب والمخطوطات التي كانت تحفظ في جدران قصر الخلافة بعد أن تضخم رصيدها من التراث المدون ، والمخطوطات المؤلفة المترجمة ، لتكون مكتبة عامة مفتوحة الأبواب للدارسين وطلاب العلم ، فأسس دار رحبة ضخمة نقل اليها كل الذخائر وسماها " بيت الحكمة " تقديرا لجلال رسالتها ، وكانت هذه المؤسسة مؤسسة ثقافية كبرى تقوم بعمل جليل . فكانت مهمتها أول الامر الملازمة كما يقول ابن النديم ، ثم تطورت زمن المامؤن حتى أصبحت مؤسسة علمية مهمتها ترقية البحث والدرس والتجرد للدراسات العليا . ( 13 )
ثانيا: التنظيم الإداري لبيت الحكمة
فمن حيث التنظيم الإداري للمكتبة نريد التأكيد على أنها لم تكن على الأقل في ذلك الوقت مجرد مكتبة بل كانت أكاديمية تحتذي مكتبة الإسكندرية التي لاشك أنها تأثرت بها . وبالتالي فأن هذه الأكاديمية لابد وأنها كانت مقسمة إلى عدة أقسام أو إدارات هي :
أ‌- قسم المكتبة
ب‌- قسم البحث والتأليف
ت‌- قسم النسخ والتجليد
وربما كان قسم المكتبة هو المنوط به اقتناء الكتب من كل حدب وصوب وتنظيمها على الرفوف ومناولتها لمن يطلبها . (14)
أبرز المشتغلين في عصر الرشيد بدار الحكمة :
1- يوحنا بن ماسويه : والذي تدرج فيها حتى تبؤا منصب أمانة الترجمة
2 – الفضل بن نوبخت : أكبر المترجمين عن الفارسية
3- علان الوراق : رئيس النساخين . (15)

ثالثاً : الأهداف المراد تحقيقها من تأسيس بيت الحكمة
1 – الإزدهار الحضاري العظيم : وذلك من خلال التشجيع العلمي والتزام الدولة الإسلامية بأداء واجبها في هذا الميدان وإقبال الأمة على العلم ،وتفتح القلوب للإسلام عقيدة ، وعبادة ، وشريعة وأخلاقا . (16)
2 – الحفاظ على التراث العالمي وإنقاذه من الفناء : وخير مثال على ذلك مؤلفات جالينوس ، حينما ترجمت مائة رسالة من رسائله إلى السريانية ، وتسعا وثلاثين رسالة أخرى ، بواسطة حنين بن اسحاق . (17)
3 – الحرص الشديد على المحافظة على الكتب والمصنفات التي تترجم أو تصنف : فقد ارتبط بظهور الحركة العلمية ونشاطها في بغداد المحافظة على الكتب والمصنفات، وكان العلماء في الدولة الإسلامية يودعون نسخاً من مؤلفاتهم في بيت الحكمة . (18)

رابعاً : العوامل التي ساعدت على إنشاء بيت الحكمة :
1 _ النهضة العلمية : فكان بيت الحكمة في بغداد عنوان هذه النهضة ورمزا معبرا عنها وآية من آيات عزها .
2– دور المكتبات العامرة في المشرق : ومن أشهرها مكتبة المدرسة النظامية
3 – اختيار الخليفة أحد البراكمة وزيراً له : وقد عرف هؤلاء كيف يرغبون الخلفاء وحاشيتهم في تذوق الدراسات والكتب . (19)
خامساً : رواتب العاملين في بيت الحكمة
كان يلحق ببيت الحكمة علماء لهم رواتب محددة وتنوعت اختصاصاتهم ، ومن بين هؤلاء فلكيون ، ذلك لأن المأمون الحق ببيت الحكمة مرصدا لإصلاح آلات الرصد .
فقد كانت رواتب الموظفين الذين ينسخون وينقلون لدى وزير من وزراء الدولة يبلغ ألفي دينار في الشهر ، ولذلك أعتقد أن رواتب موظفي ومستخدمي بيت الحكمة لا تقل عن عشرين ألف دينار في الشهر وربما أكثر من ذلك باستثناء النفقات الأخرى كثمن الحبر والورق وأجور التجليد وثمن الكتب الجاهزة وأثاث المكتبة ،ويورد لنا المقريزي قائمة بالنفقات السنوية لمكتبة دار الحكمة مفصلة تفصيلاً واضحاً وفيما يلي نصها :
·        ورق النسخ: 90 دينارا
·        مرتب الخازن: 48 دينارا
·        مرتب الفراش: 15 دينارا
·        لتجليد الكتب ( ربما تشمل أجرة المجلد) 12 دينارا
·        ورق وحبر وأقلام للمطالعين: 12 دينارا

سادساً : المواد الدراسية التي كانت تدرس في بيت الحكمة
1- العلوم الدينية : وقد كان لهذا الأمر الأثر الكبير في تطوير وتعميق المواضيع الدينية كعلوم القرآن الكريم والحديث والفقه .
2- المواضيع الأدبية : كاللغة والنحو والصرف والعروض والأدب .
3 –علوم الرياضية : وهي تشمل الحساب والجبر والهندسة والمساحة والعلوم العقلية التي تضم المنطق وعلم الكلام . (20)
وكان يوحنا بن ماسويه الذي جعله المأمون رئيساً لبيت الحكمة يعقد مجلساً للنظر ، ويجري فيه مناقشة كل نوع من العلوم كالفلسفة ، والرياضيات ، والفلك ،والطب. كما كان يدرس فيها ويجتمع إليه تلاميذ كثيرون وقد تتلمذ على يديه حنين بن اسحاق فترة من الزمن . وهكذا كانت بغداد في علو كعبها في العلم حيث أصبحت القبلة التي توجه إليها رواد العلم من كل حدب وصوب في الدولة الإسلامية والتي تحدثت بدورها الركبان وأسمعت شهرتها الأصم وطرقت أسماع القاصي والداني الأ وهي" بيت الحكمة " (21)

سابعاً : نموذج من منهج التدريس في بيت الحكمة
·        مرحلة الإعداد للالتحاق بالدراسة في بيت الحكمة.
·        المرحلة العالية أو مرحلة الدراسة داخل بيت الحكمة:
1- من سن 14إلى 16سنة يدرس الكتاب في منزل الفقيه (المعلم) أو في الحوانيت ، ويتم فيها حفظ القرآن الكريم ، إجادة الكتابة والقراءة ، ودراسة قواعد اللغة .
2- من سن 14إلى 18سنة وتتم داخل مدارس المسجد أو الحلقة ويدرس فيها بعض العلوم الدينية من فقه وتفسير وكلام ورواية حديث ثم معرفة الشعر وسير الأعلام والأخبار مع التفقه في اللغة والأدب والبيان والنقد .
بعد اتمام المرحلتين السابقتين يتم فيها التدريس عن طرق نظامين:
1- نظام المحاضرات
2- نظام الحوار والمناظرة والمناقشة . يدرس فيها العلوم الفلسفية والطبية والرياضيات والفلك والعلوم الطبيعة والجغرافيا والموسيقى .
المدرس يحاضر في بعض العلوم في قاعات كبيرة ، والمعيد يساعد المدرس فيجتمع بفئة من الطلاب ويشرح لهم ما استغلق من المحاضرة ويناقشهم في مادتها والأستاذ أو الشيخ هو المرجع الأخير في موضوعه .

ثامناً : لباس الخريجين و العلماء
كان لباس الخريجين والعلماء عبارة عن عمامة سوداء وطيلسانا لعله الروب الجامعي اليوم . وكان هذا الزي ضروري للمدرسين والفقهاء تميزاً لهم عن غيرهم .

تاسعا: الشهادة التي تمنح لهم
إذا كان خريج بيت الحكمة قد أنهى دراسة علم من هذه العلوم السالفة الذكر يمنحه أستاذه إجازة تشهد بأن قد أتقن ذلك العلم ، فإذا كان من المتفوقين فيه نصت الشهادة على أنه قد أجيز له تدريسه . فحق منح الشهادة كان والحالة هذه للأستاذ لا للمعهد .

عاشراً : أمين ترجمة بيت الحكمة وعمله
علاّن الشعوبي كان امين الترجمة وعمله يتلخص فيما يلي :
1- دراسة المؤلفات المكتسبة من الفتوحات ، ليختار من بينها تلك التي يجب أن تسلّم للترجمة .
2- توزيع المؤلفات على المترجمين لنقلها .
3- مراقبة عمل المترجمين ، وإيجاد الانسجام الضروري فيه .
4- تقديمه إلى بيت الحكمة لأخذ الموافقة النهائية ، وهناك يكتبه الناسخون ويتم إيداعه .
وبخلاصة : فالترجمة التي كان مركزها بيت الحكمة ، نظمت حسب مخطط منسق ، يشرف عليه أمين الترجمة ، وقد وزع العمل بين كبار المترجمين ، يساعدهم الكتّاب الذين يحتمل أنهم كانوا يهيئون لهم مسودّة الترجمة الأولى ، كما يُعين مدقق ليصحح الأخطاء اللغوية . (22)

الحادي عشر : اسم مرادف لبيت الحكمة
هناك مرادف لبيت الحكمة وهو " خزانة الحكمة " وهو يظهر للمرة الأولى في النص التالي:  " أبو الفضل بن نوبخت ، فارسي الأصل ... كان في خزانة الحكمة لهارون الرشيد ، ولهذا الرجل نقل من الفارسي إلى العربي ، ومعوّله في عمله على كتب الفرس " . (23)

الثاني عشر : الأشخاص الذين لقبوا بأصحاب بيت الحكمة
الأول: سَلم أو على الأصح سلمان الملقب بصاحب بيت الحكمة . أصله من حرّان وكان يعمل في هذه المؤسسة مع سهل بن هارون .
الثاني : أحمد بن محمد وهو كذلك ممن لقبوا بصاحب بيت الحكمة .
وآخر من كان صاحب بيت الحكمة نعرفه هو الحسن بن مرار المسمى بالصنوبري والشاهد الذي يتعلق بموضوعه يرويه ابن عساكر " ونقله بنصه ابن شاكر الكتبي ، وهو هذا : " قال الحلبي الصفري : سألت الصنوبري ( والكلام هنا لحفيد شخصنا ) عن السبب الذي من أجله نسب جده إلى الصنوبري ، حتى صار معروفاً به ، فقال لي : كان جدي صاحب بيت الحكمة من بيوت حكم المأمون ، فجرت له بين يديه مناظرة ، فأستحسن كلامه وحده مزاجه ، وقال له إنك لصنوبري الشكل ، يريد بذلك الذكاء وحدّة المزاج .

الثالث عشر : بيت الحكمة نموذج رائع للمدارس الإسلامية في النواحي العلمية والتعليمية
يعد بيت الحكمة من أعظم المعاهد الثقافية حيث التعليم العالي فيه فكان بيت الحكمة أول دار للدراسة العالية في الإسلام فهو علاوة على كونه دار ترجمة كان معهدا للعلم ، دار كتب عامة ، بدأ بيت الحكمة أول ما بدأ بوظيفة مكتبة عامة فأصبح لهذه المكتبة العامة شأن في العالم الإسلامي ، ثم تطور وأصبح أول جامعة إسلامية أجتمع فيها العلماء والباحثون ولجأ إليها الطلاب وكانت تجرى فيه الأبحاث والدراسات العليا فأصبح مؤسسة علمية للثقافة العالية أكثر كتبه في الفلسفة والمنطق والطب والنجوم والرياضيات وغيرها من الكتب العلمية المختلفة ، ثم أرتقى دار الحكمة من مجرد دار للترجمة والإنتاج الفكري وكثر المترجمون في هذه الدار في عصر المأمون ، وكانوا يقومون بواجبهم العلمي ويتبادلون وجوه الرأي ، كذلك كانت هناك أعمال أخرى يقوم بها بيت الحكمة منها : تجليد الكتب التي تتم عملية تعريبها أو عملية نسخها بأكثر من نسخة لتوزيعها على المكتبات المعروفة آنذاك خارج بغداد أو بيت الحكمة التونسي في رقادة ، أو دار الحكمة في القاهرة. (24)

الرابع عشر : العلوم الإسلامية في بيت الحكمة
أولاً : علم الكلام
علم الكلام وهو من العلوم التي ازدهرت في بغداد في العصر العباسي ويتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية ، والرد على المبتدعين والمنحرفين في الاعتقادات عن مذاهب السلف وأهل السنة ، وأساس هذه العقائد الإيمانية تكمن في التوحيد ، ويقدم في برهان عقلي .
ثانياً : علم المنطق
المنطق مشتق من النطق ، وهذه اللفظة تقال عند القدماء على ثلاثة معان : أحدها القول الخارج للصوت ، والثاني القول المركوز في النفس ، والثالث القوة النفسانية في الانسان التي بها يميز التمييز الخاص بالإنسان دون الحيوان وهي التي بها يحصل للإنسان بالمعتقدات ، وأن المنطق يعطى قوانين في المنطق بأنواعه الثلاثة المذكورة .
ثالثاً : علم الفلسفة
كان للفلسفة شأن عظيم في العصر العباسي ، فأشتعل بها أكثر الذين عنوا بعلوم القدماء ولاسيما الأطباء منهم وكان الفلاسفة في هذا العصر متهمين بالألحاد والتعطيل فكان الانتساب إلى الفلسفة مرادفا إلى الانتساب إلى الكفر ، وشاعت النقمة على الخليفة المأمون لأنه كان السبب في نقل الفلسفة إلى اللغة العربية حتى قال فيه ابن تيمية : " ما أظن الله بغافل عن المأمون ، ولابد أن يعاقبه على ما أدخله على هذه الأمة.
المراجع والمصادر:
(1) أساسيات علم المكتبات والتوثيق والمعلومات تأليف / د: عمر أحمد همشري ، ود: ربحي مصطفى عليان ، الطبعة الأولى 1988م ، مكان النشر : الأردن ( عمان ) مطابع جريدة الأسواق ، الفهرسة تمت بمعرفة : مديرية المكتبات والوثائق الوطنية . ص13 ، ص.ك 304 صفحة ، رقم الإيداع : 40/ 1996
(2) المدخل إلى علم المكتبات والمعلومات/ تألف : دكتور أحمد بدر ، مكان النشر : الرياض ، سنة النشر 1985 ، الناشر دار المريخ للنشر ، رقم الإيداع ( بدون ) ص.ك 448 صفحة ، ص 33

الاثنين، 4 مايو 2015

بعض من مشكلات المكتبات

إن تفعيل المكتبات العامة لن يتحقق إلا بتغيير مفاهيم وثقافة مجتمعنا،
ففي الغرب على سبيل المثال تتطور خدمات المكتبات بناء على طلبات
المستفيدين، فعندما تزداد طلبات المستفيدين على تقديم خدمة معينة نجد أن
المكتبات تحاول أن تطور هذه الخدمة بحيث تلبي بأكبر قدر ممكن احتياجات
المستفيدين، وبالمقابل نجد أننا في مجتمعاتنا نطور في الخدمات ونسهل سبل
الوصول إلى المكتبات من أجل تحفيز المستفيدين على استخدام المكتبة!
وفي المقابل تبقى مكتباتنا كما هي خالية من الرواد!

ليست القضية في ظني فقط إنشاء مكتبات جديدة، أو دعم هذه المكتبات
بالكوادر المتخصصة، أو وضع بوابات للمكتبات على الإنترنت، أو توفير مصادر
معلومات جديدة، أعتقد أن القضية أكبر بكثير من هذه الأمور ـ التي لا يختلف
على أهميتها اثنان ـ إنها قضية وعي أمة، ثقافة مجتمع.
من زار الغرب أو قدر له العيش فيه يعلم مقدار الجهود التي تبذل على جميع
المستويات، سواء في المنزل أو المدرسة، من أجل زرع عادة القراءة، وأذكر
أنني أثناء معرض للكتاب في موسكو لاحظت مقدار حب الشعب الروسي للقراءة،
حتى الفقراء من عمال النظافة كانوا يتهافتون على الكتب، وإن أنسى لا أنسى
تلك الفرحة على وجه فتاة كانت تدرس اللغة العربية في جامعة روسية حين
قدمت لها بعض الكتب الإعلامية والتاريخية حول المملكة باللغة العربية،
فردت قائلة أشكرك فقد أمنت لي زاداً يكفيني لمدة عام، إنهم يعتبرون
الكتاب مثل الطعام فهو يؤمن الغذاء للعقل كما يؤمن الأكل الغذاء للجسم،
أما في أمريكا فحدث ولا حرج، إنها أمم عرفت أهمية القراءة، فربت أبناءها
على حبها، أما نحن فأعتقد أننا أمة غير قارئة، لذا ليس من المنطق أن
نهدر أموالنا في مكتبات مكدسة بالكتب وخالية من القراء.

ما الحل إذن؟
هل نقف مكتوفي الأيدي؟

أعتقد أن الحل المناسب هو غرس عادة القراءة في أطفالنا منذ الصغر، وأن
نعيد برمجة حياتنا حتى تكون المعلومة جزء منها، ونضطر إلى أن نبحث عن
المعلومات حتى نستطيع العيش، عندها سيطالب المجتمع بمكتبات عامة تلبي
احتياجاتهم، وعندها ستضطر الجهة المشرفة على المكتبات العامة ـ سواء
كانت وزارة التربية والتعليم أو وزارة الثقافة والإعلام ـ لتحسين هذه
المكتبات ودعمها.

الخميس، 26 مارس 2015

نشأة النظم الآلية فى المكتبات


بدايات ظهور  النظم الآلية فى المكتبات : -


تاريخ إستخدام النظم الآلية فى المكتبات يعود لعام 1935م وهو العام الذى شهد أول آلة معالجة بيانات المكتبة ؛ حيث قامت جامعة تكساس Texas  بإستخدام أجهزة بطاقات مثقبة Punched Card  فى نظام الإستعارة ثم تلتها مكتبة بوسطن العامة فى إستخدام البطاقات المثقبة لتحليل إحصائيات التزويد.

وتوالت النظم الآلية بعد ذلك حيث إستخدمت المكتبات الحاسبات الرقمية Digital Computers   وكان أول من طالب بإستخدام هذا النوع من الأجهزة كلا من ملفن ج. فواخت المسؤل على مكتبة كاليفورنيا ومعه كلاى ل . برى من مركز الحاسب بنفس الجامعة فى سبتمر عام 1962م حيث كان مشروعهما التجريبى هو تحويل عدد 700 سلسلة إلى الشكل المقروء آليا بالإضافة إلى طباعة قائمة بالأعداد شهريا مع قائمة كاملة بما تمتلكه المكتبة.

ويلاحظ أيضا أن أغلب الأنظمة الآلية التى ظهرت كانت أجزاء من أنظمة بمعنى أنها لم تكن أنظمة متكاملة تضم جميع عمليات المكتبة فى آن واحد ، ولكنها تتعامل مع جزء واحد فقط من عمليات المكتبة مثل الفهارس أو الإعارة ولكن مع عام 1961م قامت المكتبة الطبية الوطنية National library of Medicine    بالعمل فى مشروع ميد لارز MEDLARS  ويعنى Medical literature Analysis & Retrival System  ومن خبرات هذا المشروع تم مراجعة وظائف النظام فى محاولة لميكنة كل وظائف المكتبة بالإضافة إلى إجراء البحث الوراقى (الببليوجرافى) وبإصدار كشاف Medics Index  وكذلك عمليات الفهرسة الآلية والإستعارة الآلية ، والمساعدة فى الإقتناء وضبط السلاسل ؛ وبالتالى ظهر أول نظام آلى متكامل فى المكتبات فى عام 1966م.

المصدر  :-

الأنظمة الآلية فى المكتبات / زين عبد الهادى : المكتبة الأكاديمية ؛ 1995م –ص 21.

الاثنين، 15 ديسمبر 2014

الأرشفة Archiving



         إن مشكلة الأرشفة الرقمية تكمن في كيفية الاحتفاظ بالسجلات الأصلية كمـا هـي مع جعلها متاحة باستمرار ولمدد زمنية طويلة , ويمكن تحقيقه من خلال حفظ السجلات الرقمية في أشكال رقمية مفتوحة المصدر Open Source  - أي أن عناصر تكوينها لا تتغير بمرور الزمن وبالتالي تحتفظ بالخصائص الأصلية للسجل الرقمي , كما انه لا علاقة لها بحقوق الملكية الفكرية فهذه الأشكال الرقمية مفتوحة المصدر ليست من إبداع احد الشركات , وإنما هي عبارة عن مجموعة من  والتيجان والاكواد التي من الممكن لأي شخص أن يكون بها شكلا رقميا مفتوح المصدر . وعليه فان حفظ السجلات الرقمية على الأشكال مفتوحة المصدر يعد حلا جيدا لمشكلة الأرشفة الرقمية .

   وحين تبحث الارشيفات الوطنية عن أشكال وصيغ رقمية Object Digital  تتناسب مع الحفظ الارشيفى طويل الأمد , عليها أن تستعين بالمبادئ التالية :
1.     أن تكون الأشكال الرقمية متاحة على الدوام ولا تتأثر بالتغيرات التكنولوجية والاصدارت التي تنتجها الشركات كل فترة .
2.     ألا تسمح الأشكال الرقمية بالتعديل والتبديل فى محتواها .
3.     أن تكون الأشكال الرقمية مفتوحة المصدر بحيث لا تتقيد بحقوق الملكية الفكرية .
4.  أن تحتفظ بالسياق الذي أنتجت فيه السجل الرقمي – بياناته الوصفية Metadata – وذلك لإعطاء مزيد من الصحة والموثوقية للسجلات الرقمية .
5.  أن يحمل الشكل الرقمي من الخصائص ما يؤهله لان يحمل جميع عناصر السجل الرقمي الذي يحويه حتى يظل السجل صالح للاستخدام على الدوام .
أنواع الأشكال الرقمية المناسبة للأرشفة

   هناك من يفضل استخدام ملفات  Portable Document Format PDF  فى أرشفة السجلات الرقمية للأسباب الآتية :
1-    الارتباطات التشعبية داخل النص وبين الوثائق ومواقع الانترنت .
2-    إمكانية تصغير أو ضغط الصفحات عند العرض .
3-    تضمين الخطوط مع الوثيقة مما يضمن عرض الوثيقة بالخطوط نفسها دون التقيد بوجودها على الحاسب الخاص بالعرض
4-    إمكانية تحميل صفحة بصفحة .
5-    صغر الحجم الناتج عن ضغط الملف الذي قد يصل لحجم أصغر من الملف النظير له في صيغةPostScript .
6-    صعوبة إحداث تغيير في نص الوثيقة بالإضافة إلى انه يحتفظ بشكل الوثيقة نفسه كما هو أيا كان برنامج المستخدم في العرض .
7-    تأمين الدخول إلى نص الوثيقة من خلال تحديد كلمة مرور, وتقييد صباغة النص أو أجزاء منه .
إلا أن من عيوبه ما يلي :
1-  ليس بالشكل الجيد لعمليان الحفظ التاريخي طويل المدى بسبب التغيير والتطوير المستمر في لغة توصيف الصفحة من قبل الشركة المنتجة لهذا البرنامج .
2-     من الصعب تصميم برمجيات تحويل محتوى ملفات PDF إلى صيغ أخرى .
3-     لا تتيح الصيغة بنية الملف وبالتالي يصعب البحث عن جزء أو فقرة في النص .

   وللتغلب على مشكلة الحفظ التاريخية فانه يمكن حفظ السجلات ومحتواها في صيغة تتناسب مع الحفظ طويل المدى مثل ASCII ,TIFF, SGML ثم تحويلها إلى صيغة DDF لإغراض الإتاحة والعرض فقط .


الأشكال مفتوحة المصدر Open Source
 وهى أشكال وصيغ رقمية يستخدم في إنشاءها مجموعة من الواصفات المعيارية – مجموعة من الرموز والتيجان – التي حددتها المنظمات الدولية للتوحيد القياسي مثل معيار ISO 10646 وهى أشكال موثقة لا تعتمد على منتج واحد مثل ملفات XML, SGML , ومتاحة للعامة دون التقيد بحقوق الملكية الفكرية .
الأشكال المغلقة :
 وهى أشكال رقمية منتشرة على نطاق واسع ولكن تركيبها وخصائصها التكنولوجية ليست متاحة للجمهور وتملكها احد الشركات العمالة في مجال تقنية المعلومات مثل شركة مايكروسوفت التي تملك مجموعة برامج الأوفيس , وشركة أدوبي التي تملك ملفات PDF , وهذه الملفات ليس من حق الجمهور أو أي شخص أو هيئة أن تغير من خصائصها دوت الرجوع إلى الشركة المنتجة .

     والمبادئ السابقة جميعها تتوفر في الملفات مفتوحة المصدر , وقد وجدت الارشيفات الوطنية أن لغة الترميز القابلة للتوسع Exchange Mark up Language "XML"  هي اللغة الأفضل التي تستخدم في بناء الملفات مفتوحة المصدر التي تحوى داخلها السجلات الرقمية , فهي لغة دولية معتمدة من المنظمة الدولية للتوحيد القياسي.
  ولغة XML هي عبارة عن مجموعة محددة مسبقا من الواصفات والعناصر سواء كانت تيجان أو رموز تستخدم في إدماج وتضمين معلومات خارجية داخل وثيقة نصية الكترونية , وقد اعترف بهذه اللغة عام 1998 وهى عبارة عن نموذج مصغر من لغة الترميز المعيارية العامة Standard General Mark up Language "SGML"   , وهى تعتبر مقياس لإدارة المعلومات تم تبنيه من قبل هيئة التوحيد القياسي ISO عام 1986 كوسيلة لإنشاء وثائق قابلة للتنسيق.
    ومهمة لغة XML تتركز في ترميز المعلومات وصياغتها في بناء هيكلي موحد يسهل التعامل معه بواسطة كافة الأنظمة والتطبيقات , وقد طور هذه اللغة رابطة الشبكة العنكبوتية W3C وهى عبارة عن مؤسسة مكونة من أكثر من 180 عضو من المنظمات والهيئات التجارية والأكاديمية والحكومية من مختلف أنحاء العالم ومن مميزات هذه اللغة :
1 – تقنين نشر المصادر الالكترونية – السجلات الرقمية -  بشكل مستقل وبأسلوب موحد .
2 -   تسليم المعلومات إلى البرامج المستخدمة من قبل المستفيدين بشكل يسهل معالجتها آليا والتعامل معها فور استلامها .
3 –سهولة معالجة المعلومات والبيانات وتبادلها عبر مختلف التطبيقات والأنظمة بأقل تكلفة
4- – سهولة دعم البيانات الواصفة Metadata لكل وثيقة مما يسهل استرجاعها ومن ثم إيجاد حلقة اتصال بين منتج أو صانع المعلومات والمستفيد النهائي منها .

   ولغة XML هي لغة بسيطة ومتوافقة مع ملفات ASCII وهى رموز تتميز بمقاومتها للتلف بشكل كبير فعلى سبيل المثال لو أن كلمة Welcome نقص منها حرف "e" فتصبح الكلمة Welcom ولكنها تظل في الملف المكتوب بلغة XML مقروءة ويمكن فهمها من سياق النص , في حين إذا نقص رمز من أحد التعليمات في ملف معالجة الكلمات MS Word فانه من العب بل من المستحيل قراءة الملف ويصبح غير قابل للعمل .

كما أن هناك ميزة كبيرة في الملف المنشأ بلغة Xml وهى أن هذه اللغة ذاتية الوصف أي أنها لا تحتاج إلى برامج أو أنظمة لقراءتها وفهمها مثل ملف PDF الذي يحتاج إلى برنامج Acrobat Reader لقراءته , بينما إذا وجد ملف مكتوب بلغة  XML بعد خمسين سنة من الآن وتم فتحه وكان مكتوب فيه :
website >
name >
Yahoo
/name>
url >
www.yahoo.com
/url >
/website >

    فمن قراءة هذه العناصر الموجودة فى مصدر الملف Source File فسوف يفهم منها ببساطة أنها تتعلق بموقع ياهووYahoo  وان عنوانه على شبكة الانترنت هوwww.yahoo.com   بينما هذا لا ينطبق على احد الملفات مغلقة المصدر مثل ملفexcel 97 , word 2000 وغيرها حيث لا يملك المستفيد بعد مرور نصف قرن البرنامج القادر على فتح هذه الملفات وقراءتها , كما انه من الممكن إذا ما تلف أي بايت Byte من الملف فإننا لا نستطيع قراءته .


وعلى الأرشيف الوطني أن يعتمد الملفات المكتوبة بلغة XML للأسباب الآتية :
1 – تسمح الملفات المكتوبة بلغة XML  بسهولة وسرعة إنشاء الأشكال الأرشيفية التي ليس لها حق الملكية الفكرية , وبالتالي لا تقع الأرشيفات تحت طائلة القانون .
2 – تسمح ملفات XML بحفظ السجلات الرقمية كما هي بدون تغيير في عناصرها الأساسية أو خصائصها الوظيفية , مما يحافظ على صحتها وتكاملها .
3 – الواصفات الخاصة بلغة XML  - التيجان والرموز , متاحة مجانا فيستطيع أي شخص  أن ينشئ ملف مكتوب بلغة XML  بدون الاعتماد على ملكية الصانع أو منتج تكنولوجيا المعلومات .
4 – لا تتأثر الملفات المكتوبة بلغة XML بتغير التكنولوجيا وبالتالي لا تحتاج إلى إجراء عملية هجرة Migration لمحتوى الملف كل فترة مما يوفر تكلفة كبيرة للمنظمات . (Heslop,Helen&Davis,simon,2002).

    وقد وضعت المنظمة الدولية التوحيد القياسي ISO  ولجنة الاتصالات الدولية IEC واتحاد الاتصالات الدوليةITU  والعديد من المنظمات الإقليمية والوطنية للتوحيد القياسي عدد من المعايير التي يجب عن تطيق عند إنشاء الأشكال الرقمية  بصفة عامة :
1-   أن تكون أشكال مفتوحة المصدر وموثقة بحيث يمكن مشاهدتها وقراءتها عبر أي برنامج أو نظام
2- أن تكون ثابتة ومستقرة بحيث يستخدم في إنشاءها واصفات معيارية ( رموز وتيجان )  حتى لا نضطر إلى تغيرها كل فترة .
3-   أن يتم دعمها واستخدامها من قبل كل البرامج والأنظمة الآلية .

وهناك عدد من المعايير التي يجب أن تتوفر في الشكل الرقمي التي يتم اختياره لأغراض الأرشفة وهى :

·        أن تكون موحدة ومعيارية بحيث تظل ثابتة ومستقرة ولا تعتمد على منتج واحد .
·        أن تكون منتشرة على نطاق واسع بما يكفى لإتاحتها في الأسواق .
·        أن تكون قابلة للتنفيذ وتعمل على كافة التطبيقات ونظم التشغيل وبروتوكولات الشبكات .
·        أن توفر هذه الأشكال الرقمية بناء جيد لتخزين المعلومات .
·        أن توفر تقنية لاكتشاف الأخطاء وتصحيحها عند تخزين البيانات.
·        تخزين المعلومات دون فقد أي منها . -  أن يكون الشكل الرقمي سهل الاستخدام .
·        إمكانية القيام بعمل حقول خاصة تستخدم في تخزين ما وراء البيانات الواصفة Metadata .
·         القدرة على الاحتفاظ بالخصائص الأساسية للسجل الالكتروني على مر الزمن .



تحويل الأشكال الرقمية إلى أشكال أرشيفية تعتمد على لغة XML

   يتم تحويل الأشكال الرقمية إلى أشكال أرشيفية عن طريق عملية تسمى بالتطبيع أوNormalization وهى عبارة عن تحويل الشكل الرقمي الأصلي من مصدره إلى شكل أرشيفي يعتمد على لغة XML  وهى عملية تتم بطريقة آلية باستخدام برنامج يسمى بNormalizer , وتتم عملية التحويل عن طريق نقل الشكل الرقمي الأصلي من مصدره إلى ملف مكتوب بلغة XML , وبالتالي يصبح لدينا شكل رقمي أصلى وهذا يتم نقله إلى المستودع الرقمي الرئيس . وشكل رقمي منقول ويحمل كل خصائص الشكل الرقمي الأصلي , وهذا الشكل المنقول هو ما يتم استخدامه وقراءته وعمل نسخ منه للإطلاع عليها .


وعند إجراء عملية التحويل إلى الأشكال الأرشيفية أن نتجنب ما يلي :
·        لا يجوز بحال أن ننقل الأشكال الرقمية المشفرة التي لا يمكن فتحها إلا بكلمة سرPassword
·   لا يمكن تحويل الملفات المضغوطة إلى ملفات أرشيفية لان ضغط الملفات يؤدى في كثير من الأحيان إلى فقد معلومات من السجل الرقمي .
   وهناك توصية خاصة بعدم ضغط الملفات عند الرغبة في حفظها للمدد زمنية طويلة , فعند فك هذه الملفات باستخدام احد برامج فك الملفات المضغوطة مثل Zip Rar فإننا قد نفقد بعض البايتات مما يجعل السجلات الرقمية غير قابلة للقراءة وعدم القدرة على مشاهدتها . ونحن لا نلجأ إلى ضغط الملفات لأنه يقلل مساحتها , وإذا كان لا مفر من ضغط الملفات فعلى الارشيفى أن يختار طريقة للضغط تقلل من فقد البيانات واختيار طريقة موثقة ومعيارية